علي بن سالم الرواحي:
جمعت معظم الآداب ما أورده الكاتب فؤاد شاكر في كتابه القيم (أدب القرآن)، وأضفت إليه بعض الآداب الأخرى، وليس هدفي استقصاء آداب القرآن، وإنما دراسة البعض لنسير على الدرب الذي رسمه لنا الله سبحانه وتعالى، وقمتُ ببيان الآيات (آية آية) بما اطلعت عليه في بعض التفاسير وجمعت ذلك مختصرًا بعون الله سبحانه وتعالى، وما بضاعتي في هذا الكتاب إلا كحامل علم لم أزد ولم أزدد علمًا، نسأل الله سبحانه أن يرينا ثوابه، ويكفينا سوءه إنه حميد مجيب.
لقد سُمّي الإنسان إنساناً لأنه يأنس بأخيه الإنسان، ولا تقوم حياته إلا بهذا، أو لأنه ينسى، والإنسان القويم هو مَن تمسّك بدين الله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه خلق كل شيء بقدر، وخروج الإنسان عن هذا القدر بمعصيته لله يُحدِث شذوذه عن الكون بأسره، وبالتالي فإنه سوف تتحطم طاقته على صخرة الكون الضخمة.
إن الإنسان توَّجه الله بتاج العلم ـ وهو غذاء الروح والعقل ـ وكان هذا سبب تكليف الله له بالأمانة وتكريمه على سائر الخلائق، قال الله تعالى:(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة ـ 31)، وأول نزلت هي كلمة (اقرأ) داعية إلى العلم، ولطالما الله سبحانه وتعالى خاطبنا بكلمة (الإنسان) أو (الناس) لا بكلمة (العبد) أو (المخلوق)، لما تحمل كلمة (الإنسان) من معنى الوعي والتفكر والعمل، إذاً جاء ذلك ليوقِظ الحسَّ فينا، ويشدنا إلى جانب التعقل عما نحن فيه من غفلة وتردٍّ، لكن لما كان الإنسان لم يستجب إلى العلم الرباني وموجباته، أوْدَى به ذلك إلى قيعان الإذلال، فجاء وصف الله سبحانه له برذائل الخلال، نحو:(ظلومًا، جهولًا، عجولًا، هلوعًا، ممنوعًا، جزوعًا..).
* تعريف الأخلاق:
الخلُق لغة هو الطبع والسجية المدركة بالبصيرة، لأن صاحبها قد خُلِق عليها، واصطلاحًا: يعرَف الإمام السالمي بأنها التحلي بالمحمود والتخلي عن المذموم، وبذا فهو يخالف ما بينها وبين أفعال العبد من حيث إن الأخيرة ثمرات للأولى، وبنفس المعنى يعرفه عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني فيذكر أن الخلُق هو صفة مستقرة في النفس ـ طبعًا أو تطبّعًا ـ لها أثرها المحمود أو المذموم على السلوك الإنساني، فالمحمود ما يوافق الشرع، والمذموم ما يخالفه، ومن هنا نرى أن مقياسها الحقيقي هو الدين الحنيف، فالله سبحانه وتعالى هو أعلم بمصالح الإنسان لأنه خلقه بيديه الكريمتين، وهناك مَن يرى أن الأخلاق هي الجانب الباطني للنفس، وتنقسم إلى حسنة أو قبيحة، بحسب الدين أو الفطرة أو الضمير الإنساني أو الوجدان، وهناك مَن يعمم الأخلاق على التوحيد والعبادات والمعاملات والشمائل، أخذاً بقول عائشة:(كان خلقه القرآن)، وبقوله تعالى:(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر ـ 4)، حيث فسّر كلمة (ثيابك) بالعقيدة والشريعة والأخلاق بجانب الثياب، فجميعها بحاجة إلى تزكية وتطهير.
* كاتب عماني