سامي السيابي:
أخذنا في حلقة ماضية شرط طهارة النفس من المعاصي، ونتناول اليوم طهارة البدن من الحدث الأكبر، وهي:(الجنابة، والحيض والنفاس).
لا خلاف في عدم الصيام للحائض والنفساء، وعليهن القضاء بعد رمضان، ولكنهم اختلفوا في الطهارة من(الجنابة)، وخلافهم على اتجاهين، الأول: يشترط الطهارة من الجنابة لصحة الصوم، وعليه الإباضية لحديث أبي هريرة (من أصبح جُنبًا أصبح مُفطرًا) (رواه الربيع)، ويلزم القضاء على قولهم، ويفتون من احتلم في نهار رمضان أن عليه المسارعة في الاغتسال وإلا عليه القضاء، والثاني: ولم يشترط الجمهور الطهارة من الجنابة لحديث متفق عليه عند الشيخين من حديث عائشة وأم سلمة:(أن النبيـصلى الله عليه وسلمـ كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام، ثم يغتسل ويصوم)، وزاد مسلم في حديث أم سلمة:(ولا يقضي)، والحديث الذي استدل به الجمهور حديث واقعة حال، ودليل الإباضية خطاب..عليه رجّحوا الخطاب على واقعة الحال لقوة دلالته، إذ قد يكون ذلك من خصوصيات النبي (عليه الصلاة والسلام).
ولكن ورد حديث يرفع الخصوصية عن النبي، وهو ما أخرجه مسلم وابن حبان وابن خزيمة عن عائشة:(إنّ رجلًا جاء إلى النبي يستفتيه وهي تسمع من وراء حجاب، فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة أي صلاة الصبح وأنا جنب، فقال النبي: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم. قال الرجل: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فقال:(والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما اتقى)، وقد بلغ هذا الحديث التواتر كما قال ابن عبد البر، ويؤيد ذلك قياس من القرآن الكريم من قوله تعالى: (أُحلَّ لكُم ليلةَ الصيامِ الرفّثِ .. وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)، فالأكل والشرب من المباحات وينتهي وقتها بطلوع الفجر الصادق، وكذا الجماع من المباحات المذكورة فينتهي وقتها بدخول الفجر الصادق وبذلك يدخل الفجر على من جامع على جنابة.
* كاتب عماني ـ عضو بفريق ولاية بدبد الخيري