علي بن سالم الرواحي:
تعريف الأدب:
لغة: هو السلوك الحسن، أو هو الظرف وحسن التناول، وقيل: أصله الجمع مأخوذ من جمع الناس إلى مَدْعاة أي مَأْدُبة طعام، (القرآن مأدبة الله) لأنه يدعو إليه الناس، وقيل: لأنه يؤدب ـ أي يدعو ـ الناس إلى المحامد وينهاهم عن القبائح، وهذا أراه الأقرب إلى المعنى اللغوي.
ولم يرد في القرآن كلمة (أدب) ولا موادها، والأدب غالبًا ما يكون مستحبًّا لأنه شيء كمالي تزييني، وقد يكون واجبًا أو مُباحًا.
واصطلاحًا: هو الاتصاف بالأخلاق الجميلة وتصفيتها عما يقابلها من أخلاق ذميمة، وهي عند السيد أحمد المددي أمور جارية في المجتمع كعادات وتقاليد وطقوس دينية وضعية، مع انتفاء وصفها بالقبح أو بالحسن لأنها نسبية، ويذكر ابن القيم بأنه اجتماع خصال الخير في العبد مأخوذ من المأدُبة التي يجتمع الناس عليها، كما يذكر الجرجاني بأنه معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ ولم يشتمل هذا التعريف على العمل، ويذكر ابن المبارك بأنه معرفة النفس ورعونتها مع تجنب رعونتها، وقيل: الآداب هي الألبسة الجمالية للسلوك وهذا هو الوارد عند صحبنا، الآداب العامة.
ويرى الباحثون أن الآداب العامة هي التي يكون دافعها عادات وتقاليد المجتمع للحفاظ على الفضيلة فيه، وإبعاد الرذيلة عنه، ويرى البعض أنها مجموعة من المصالح والأسس الخلُقية التي يقوم عليها نظام المجتمع، مثال: التعري عند الغير ورمي شخص بحجارة، وآخرون على أنها مجموعة من القواعد السلوكية المحمودة العرفية في زمان ومكان معينين طبقاً لناموس سائد بينهم، وآخرون على أنها عادات المجتمع، أو عادات الشرفاء فيه.
وهي كما ترى تعاريفات متقاربة، كما تخبرنا أن الآداب العامة أمور نسبية تختلف بين إنسان وآخر، وبين مجتمع وآخر، بحسب الزمن والدين والعادة، والفكر.
إن ما ينافي الآداب ينافي الأخلاق لا العكس، وبالتالي فإن الأخلاق أوسع مفهوماً وتناولاً من الآداب، كما أن مخالفة الآداب العامة قد لا تنافي الخلُق بالضرورة، حيث لا توجِبُها الأخلاق ولا تنفيها، لأن الناس بمُلزَمين بها أخلاقيًا.
* كاتب عماني