سامي السيابي :
من بديع الحكمة الإلهية أن يتعبدنا ربنا بأمر ويكون فيه مصالح أخرى ترتبط بجوانب اجتماعية وصحية ونفسية. وأغلى شيء يطمح إليه الإنسان في مجتمعه (الحرية)، فلأجله سفكت دماء وخيضت حروب، وقد شجع ديننا الحنيف على تحرير الناس من رقهم، من ذلك الاستعباد الظالم المنتشر في أوساط الكرة الأرضية شرقها وغربها شمالها وجنوبها مما بات واقعا تألفه الطباع المستبدة.
فجاء الاسلام ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد فجعل العتق جزءًا من العبادة وله عظيم المثوبة.. في كفارة الصيام.. وغيرها.
ولما كانت المجتمعات تضج بالاسترقاق كان من الحكمة أن تؤخذ الوردة من الشوك بلطف ألا تتمزق فيما تخالفت فيه؛ لذلك لم يكن التحرير مندفعًا مراعاة للمعتوق نفسه حتى يجد لنفسه خبرة في الحياة التي حرم منها وليجد مهنة يتقوت بها.. بخلاف ما فعله الأوربيون من تحريرٍ عامٍ أدى إلى انتكاسة في أوساط المعتوقين وعلى مجتمعهم، مما ولد تشردًا وتشرذمًا انتشرت جراءه جرائم وانتفى اﻷمن مما جعل المعتوق يتمنى أن يكون عبدا من أن يعتق بهذا الحيثية العارية من الحكمة.. فأوروبا وإن تقدمت في الصناعة الدنيوية لن تتقدم في الصناعة الدينية ما تجردت منه في دنياها، وعليه يظل أمر الدين لله لتنتفي املاءات الخدج من شرعه المكتمل الذي يستمد كماله من صانعه العليم الخبير.. فحمدا لله على حكمته ورحمته وبدائع لطفه.