علي بن سالم الرواحي:
خلق النبي:
لو سطرنا بكل الأقلام على مدح سيد الأنام لما استوعبنا حقه، وكفانا في ذلك الربُّ العلّام الذي قال فيه:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم ـ 4)، وقالت خديجة للنبي (صلى الله عليه وسلم) عند ابتداء الوحي عندما حكى لها ما عرض له:(كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ، لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللَّهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ)، فلم تذكر السيدة عبادته وإنما ذكرت أخلاقه، وقال جعفر ابن أبي طالب للنجاشي الذي سأله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في هجرته للحبشة:(إن اللَّهَ بَعَثَ فِينَا رَسُولَهُ، وَهُوَ الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ اسْمُهُ أَحْمَدُ فَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَنُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَنُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ)، فذكر له بعض القيم الأخلاقية للدين الإسلامي، وقال أبو سفيان لهرقل عندما سأله عما يأمرهم به النبي وكان أبو سفيان يؤمئذ مشركًا:(يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لاَ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ، وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ)، فقد ذكر أخلاقه مع ربه ومع الناس.
أدبه (صلى الله عليه وسلم):
لم يوجَد في التاريح رجل أرقى تأدبًا وأعلى مؤدَّبًا من النبي (صلى الله عليه وسلم)، فمن تأدبه أنه كان يتيمن في أموره، قَالَتْ عائشة:(كَانَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ)، لما في التيمن من بركة.
ومن تأديبه (عليه الصلاة والسلام) أن قال لعمر بن أبي سلمة:(يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)، فلم ينهره أو يرفع صوته عليه.