إعـداد ـ ناصر بن محـمـد الـزيـدي:
.. أمـا أطـوار خـلـق آدم (عـلـيه السلام) فـكانـت بـدايـة خـلـقـه مـن: تـراب، ثـم مـن طـين ثـم مـن حـمـاء مسـنـون، ثـم مـن صـلـصـال كالـفخـار ثـم نـفـخ الله فـيـه الـروح فـصـار بـشـرًا سـويًّـا، فـخـلـق الله آدم عـلى صـورتـه، فـتـطـوره سـابـق لـخـلـقـه بـشرًا سـويًّـا، وبـعـد أن بـقي الـطـين فـتـرة مـن الـزمـن حتى تـغــيرت رائـحـته فـصـار حـمـأ أسـنـًا مـنـتـنًـا.
ولـقـد كـان أول إعـلان عـن مهـمـة آدم (عـلـيه الـسلام) مـقـصـورة في الأرض واخـتـاره الله أن يـكـون خـلـيـفـة في الأرض، وزوده بـكل مـقـومـات الـحـيـاة لـيكـون خـلـيـفـة في الأرض، وبـعـد أن سـجـد الـمـلائكـة كلـهـم أجـمـعـون طـاعـة لأمـره سـبحانه وتعالى، وامتـناع إبـلـيـس عـن الـسجـود مـدعـيـا إنـه خـير مـنـه، إذ خـلـقـه مـن نـار وخـلـق آدم مـن طـين وظـن إبـلـيـس أن عـنـصـر الـنـار أفـضـل مـن عـنـصـر الـطـين، ومـا عـلـم أن الله هـو الــذي يجـعـل الـعـنـاصـر تـتـفـاوت وتـتـفـاضـل لا تـتـفـاضـل بـذاتهـا.
وقـد هـيـا الله الـجـنـة لـتـكـون لآدم وزوجـه لـهـمـا سـكـنًـا، وزودهـا بـكـل مـقــومات الحـيـاة، وحـذره الله عـداوة الـشـيـطـان الـمـتـأصـلـة.
ولـكـن يـتـبـادر إلى الـذهـن سـؤال: أين تـوجـد الـجـنـة التي أسـكـن الله فـيهـا آدم وزوجـه حـواء؟ لـقـد اخـتـلـف الـعـلـمـاء والـمـفـسرون قـديـمًـا وحـديـثًـا في تحـديـد مـكان وجـود:(الـجـنـة)؟، وهـل هـي جـنـة الـمـأوى التي وعـد الله بهـا الـمتـقـين في الآخـرة؟، أم هـي جـنـة مـن جـنـات الأرض؟، فـقال قـوم هـي جـنـة الـمـأوى، أخـذا بـظـواهـر الآيـات، وقال فـريـق مـن الـعـلـماء، إن الـجـنـة التي أسـكـن الله فـيهـا آدم وزوجـه حـواء كانـت مـن جـنـات الـدنيـا، ولأن الله نهـاهـما عـن أن يأكـلا مـن شـجـرة واحـدة وأباح لـهـمـا أن يأكـلا مـن كل أشـجـار الـجـنـة إلا شـجـرة واحـدة فـقـط، وأنـه نـام فـيـهـا وأخـرج مـنـهـا، ودخـل عـلـيـه إبـلـيـس فـيهـا ووسـوس إلـيه ، وقاسـمـهـما إني لـكـما لـمـن الـناصـحـين، وفـريـق تـوقـف ولـم يـمـل إلى أي فـريـق مـن الـفـريـقـين، وقال هـذا اسـلـم لي دنـيـا وأخـرى، وحـاصـل الـكـلام أنـهـم أوصـلـوا إلى أن أمـر الـجـنـة يـصـل إلى أربـعـة أقـوال هــي: 1 ــ إنـهـا جـنـة الـمـأوى، 2 ـــ إنـها جـنـة مـن جـنـات الأرض، 3 ــ إنـهـا جـنـة سـوى جـنـة الـمأوى، خـلـقـهـا الله لآدم للـتـدريـب والابـتـلاء والاخـتـبار، 4 ـــ الـتـوقـف في أمـرهـا ولـعـل الـقـول الأخـير أسـلـم لـمـن لا يـريـد أن يـقـطـع بـمـكان وجـودهـا.