سامي السيابي:
كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصوم قبل رمضان نصف شهر شعبان، فكان لذلك معنى جلي لما يسمى اﻵن في الجانب الوظيفي (التدريب قبل العمل)، ولما كانت الحكمة تقتضي ذلك في مزاولة الحياة وعمارة اﻷرض كانت تلك الحكمة باسقة من قنوان العبادة اليانعة، فمنها ترفد وبها تستنير.
وكذا نستلهم من فعله (عليه أفضل الصلاة والسلام) معنى التدرج السلمي للتأهيل، فرُبَّ قاصد عثر بلا خبرة، والخبرة ﻻ تتأتى إﻻ بتسلسل مهاري، وعليه فلنأخذ بأيدي بعضنا رويدًا رويدًا إلى اقتناء مناصب الحياة، فاﻷب ﻻبنه والمعلم لتلميذه والمدير لموظفه والضابط لجنده.
من شروط وجوب الصوم بلوغ سن التكليف (المحاسبة على الأعمال)، فغير البالغ غير مكلف بالصوم وبالعبادات بإجماع الأمة، بدليل:(رفع القلم عن ثلاثة.. وذكر منهم الصبي حتى يحتلم) (رواه أبو داود)، غير أنه ـ أي الصبي ـ إن أدى الفرائض وعمل الخير يؤجر ويثاب، ولا يحاسب على الخطيئة ديانة، وعلى الوالدين تنشئته على التّدين تمامًا، كما يعلمانه كيف يأكل.. وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه) يعودون أولادهم حتى على صوم النفل، كما ورد في حديث الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ.