يونس المعشري:
تحرص وزارة التنمية الاجتماعية والجهات المعنية ذات العلاقة مثل شرطة عمان السلطانية وغيرها على وضع حد لظاهرة التسول التي باتت تقلق المجتمع بعد أن اعتدنا أن نشاهد بعض المتسولين من المجتمع العماني، إلا أن ذلك بات قليلاً وشبه معدوم وتحول المسار إلى الجاليات الأخرى، وأصبحت هناك بعض الجاليات دون ذكر أسماء الدول التي ينتمون إليها يجوبون مختلف المناطق ولم يعد الأمر يقتصر على تواجدهم على مستوى العاصمة، بل امتد لكافة ولايات السلطنة، والبعض الآخر وكأنه يستغل طيبة أبناء هذا المجتمع وأصبح التحرك على مستوى المناطق باحثين على أفضل وأسرع وسائل الكسب السريع دون الحاجة للدخول في أنشطة تجارية ربما نهايتها الخسارة أو الانخراط في عمل قد يجد نفسه مسرحاً أو عمل شاق لا يطيق تحمله، فإن الطواف على المساجد والمنازل هي أسهل وسيلة، ومن بين المشاهد الأخيرة التي كنت شاهدا عليها في شهر رمضان وفي موقعين مختلفين، في المسجد الأول شاب في مقتبل العمر ربما لم يتجاوز السابعة عشر من عمره وما أن فرغ الامام من الصلاة ليخرج لنا ذلك الشخص بالديباجة المعروفة ويسرد مناقب الاحسان في شهر رمضان والظروف التي يمر بها ليسلك طريقه بين جموع المصلين إلى باب الخروج ويفترش المصر ويبدأ أصحاب العطايا ينقطون بما لديهم، فإذا كان من المسجد الواحد يجني محصولا جيدا ربما يتجاوز العشرين ريالاً ولو اكتفى بمسجدين فقط فهو يكفي في اليوم الواحد وربح جيد، وفي أحد الجوامع أيضاً تطور الأمر لنشاهد أبا من إحدى الجنسيات العربية التي أرهق دولته الحرب المهلكة للشعب وقد حمل ابنه في وضع النائم بين يديه، ويردد بأنه مصاب بالعديد من الامراض والله أعلم إن كان كلامه صحيحاً أو غيره، لتبدأ نغمة الإنسانية والأجر والثواب في شهر رمضان ومن فرج كربة عن مسلم في هذه الأيام المباركة والكل يتسابق لمساعدته، فهل يعقل لذلك الشخص يطوف بابنه هكذا من موقع لآخر إذا كان ذلك الطفل يعاني من مرض عضال لا قدر الله كيف يتحمل التنقل به من مكان لآخر، أصبح الواحد يخاف أن يقف لتكملة ما تبقى من صلاة بعد سلام الامام لأن الكل يتوقعه متسولا، ناهيك عن الذين يطوفون على المنازل خاصة من النساء وكان في السابق من جنسيات عربية محدودة إلا أن الأمر تطور وأصبح من بعض العمال الوافدين المسرحين، هي الأخرى تقوم بعملية المسح التسولي، لابد من وضع حلول رادعة قوية وكما هو الحال في إحدى الدول الخليجية بأن توقع مخالفة جسيمة على المعطي أكثر من المستلم نفسه لوجدنا بالفعل باب الرحمة يعرف طريقه إلى أين يمنح مساعدته بدلاً من أولئك المتسولين، فإذا لم يكن هناك الوعي والادراك وتحمل المسؤولية من المجتمع ذاته فإن الجهات الأخرى لا يمكن أن تقضي على هذه الظاهرة لوحدها.