شعر: حمد الراشدي :

عَظُمَتْ لهدْيكَ طاعةٌ ودعاءُ
وعلا لنورك في السماء سناءُ
ألآيُ جاءت قد تعالى حرْفها
ورُبى العوالمِ كلِّها أضواءُ
جبريل يُزجيها لمن قُسِمتْ لهُ
وحياً وتنزيلاً فلا إملاءُ
في الصدر يحفظها الرسولُ محمدٌ
مختارُ ربّي للهدى وضياءُ
تَتْرى بما حملت فيوضَ هدايةٍ
للعالمين وما جلا الإيحاء
قَطراتُها بحرٌ طمى ومدادُها
فكأنّما سَكبت بها الأنواءُ
جاءت مُرَتلةً وفي نَسَقٍ زكا
بجلالةِ الرحمان منهُ شفاءُ
بدأت بـ “ إقْرأ بسْم ربك “ بُلّغتْ
وتلاوةُ الروحِ الأمين جلاءُ
قُرئتْ على الهادي كما رُسمِتْ على
لوح العنايةِ قُدْسُها أسماءُ
«الله»
حسُنتْ وأحيتْ للوجود عقيدةً
الله أوّلُها وجلّ علاءُ
«الرحمن»
وهدايةُ الرحمان لا حُدّتْ ولا
- لمن ابتغى نوراً - لها إبطاءُ
«الرحيم»
وهو الكفيلُ برحمةٍ لعبادهِ
ما غيرها للعالمين رجاءُ
«الملِك»
ملكُ الملوك ومَن عظيمٌ مُلْكهُ
سجدت له الجبْهاتُ والأشياءُ
«القدوس»
وتبارك القدوسُ في عليائهِ
وهو المنَزّهُ ما اعتراهُ وَناءُ «1»
«السلام»
وإذا السلام يُرادُ عند ملِمَّةٍ
قُصِدَ السلامُ فعندهُ الإعطاءُ
«المؤمن»
رُسُلُ الهدى بالمُعْجزات تأمَّنوا
وبعزمهم شدّوا ومُدَّ لواءُ
«المهيمن»
ظهرَتْ مشيئتُهُ على ما هيمنتْ
صدعتْ بها الأكوانُ والأحياءُ
«العزيز»
إنّ العزيزَ إذا انبرتْ قُدراتُهُ
فهي السبيلُ تهونُ والأعباءُ
«الجبّار»
خضعتْ نواميسُ الوجود لأمرهِ
فمتى قضى الجبّارُ تمّ قضاءُ
«المتكبّر»
متكبّرٌ قهرتْ عزائمُ أيْده
صلْفاً طغى أو شطّ وهْوَ هباءُ «2»
«الخالق»
مَن خالقٌ شرُفَ الوجودُ بخلْقهِ
وبنورهِ قَسُمتْ لنا سيماءُ
«الباري»
برأ الحياةَ سرتْ بها أرواحُنا
ولكلِّ روحٍ من سناه إياءُ «3»
«المصوّر»
وإذا الخلائقُ أكرِمتْ في حُسنها
فهو المصوّرُ حين تمّ بناءُ
«الغفّار»
ولمِا غفرتَ مُضاعَفاً لذنوبنا
بقيتْ حياةٌ وانثنى إفناءُ
«القهّار»
قُهِرتْ فلولُ الشرك يومَ قصمتَها
بجنود قهرك ما ثنى إرجاءُ
«الوهّاب»
سبقتْ هباتُك للورى رَغباتهم
مَن غيرك الوهّابُ والمعطاءُ
«الرّزاق»
هنأت نفوسٌ وارتوتْ من وِردِها
فلقد كفلتَ الرّزقَ وهْوَ هناءُ
«الفتّاح»
لخزائن الأرزاق فتّاحٌ فقد
فُتِحتْ وما سُدّتْ لها نُعماءُ
«العليم»
علِمَ السرائرَ في النفوس وما خفى
رُفع الغطاءُ هنا وشُقَّ خَفاءُ
«القابض»
القابض الأرواح يوم مماتها
صعدتْ إليهِ كما زهتْ حسناءُ
«الباسط»
أوْسَعْتَ بسطاً للعلوم وبحرها
يا باسط الأرزاق فهْي زُهاءُ «4»
«الخافض»
ولمن خفضْتَ فأنتَ قد أنصفتَهم
ولمن وضعْتَ فهم لهم قُرَناءُ
«الرافع»
هو رافعٌ شأن العباد وقدْرهم
ولمن رفعْتَ فقصره الجوزاء
«المُعِز»
أعزَزْتَ كم مستمسكٍ بديانةٍ
يُعطي العزيزُ كما يرى ويشاءُ
«المُذّل»
قهر العصاةَ لدينهِ فمصيرُهم
دنيا وأخرى ذلةٌ وشَقاء
«السميع»
مَنْ يسمع الهمسَ الخفيَّ لعبده
فهو السميعُ تبارك الإصغاءُ
«البصير»
وهو البصيرُ ومَن درى بعباده
شأناً وأحوالاً ونيلَ حِباءُ «5»
«الحَكَم»
حَكَمٌ فمن ذا لا يلوذ بحكمه؟
هو رحمةٌ وعدالةٌ ومَضاءُ
«العدْل»
كرُمَ الورى بعدالةٍ وسماحةٍ
أبغيرِ عدْلهِ أُنصِفَ الضُعفاءُ؟
«اللطيف»
واللُطفُ يُزجى منه إحساناً جرى
كالسلْسلِ الرقراقِ فيهِ دواءُ
«الخبير»
عُمقُ العلوم وكُنْهها أنت الذي
تحوي فما غرُبتْ لها أنباءُ
«الحليم»
سُتِرتْ بحلمك سقْطةٌ وتَهشّمتْ
هفواتنا واستُحْقِرَ الإغْواءُ
«العظيم»
أنت العظيمُ ولا يكون عظيمَها
إلاّ هُداك ، تترّبَ العُظماءُ «6»
«الغفور»
مُحيِتْ وما بقيَتْ لنا أدراننا
وأزالها غفرانك المِعفاءُ
«الشكور»
أنتَ الشكورُ تفضّلاً وتكرّماً
كم ذا علينا عن رضاك ثناءُ
«العليّ»
صفةُ العليِّ هي التي مخصوصةٌ
ولذاتك الأعلى يدومُ علاءُ
«الكبير»
أنت الكبير على السماءِ وأرضنا
وعلى الجبال فكلُّهم صُغَراءُ
«الحفيظ»
يا مَن حفظْتَ لنا سعادَتنا وما
سِيمَتْ بحفْظِكها لنا حوْباءُ «7»
«المُقيت»
إنَّ المُقيتَ على الفعالِ بخيرها
يُعطِي الثوابَ تبارك الإجْزاءُ
«الحسيب»
وهو الحسيبُ عباده كرَماً فيا
بُشْرى ، يهونُ مع الندى إحْصاءُ
«الجليل»
لجلال وجهك تنحني هاماتنا
ويُنيلُ رفعْاً عندك الإحْناءُ
«الكريم»
وإذا الكريم تعاقبت نفحاته
قُل للورى طُبتم وطاب عَطاءُ
«الرقيب»
أبداً تراقبُ كلّ أمرٍ حاضرٍ
أو غائبٍ ، أبداً جفا إغفاءُ
«المُجيب»
ربُّ الإجابةِ وحْدهُ وهو الذي
نهفو إليه ولا يخيبُ رجاءُ
«الواسع»
وسِعتْ فضائلُه الأنامَ جميعَهم
وبفضله هنأوا وعمّ رخاءُ
«الحكيم»
الحكمةُ الكُبرى ثوت بحياضه
وبها روى الرّوادُ والحكماءُ
«الودود»
أنت الودود غمرْتنا وأحطتنا
بفيوض عطفٍ ما لها إنْهاءُ
«المجيد»
لك غايةُ المجد الذي لا بعدهُ
مجدٌ ولا بُلِغَتْ له أقصاءُ
«الباعث»
ولقد بعثْتَ المرسَلين هدايةً
وستبعثُ الموتى وهم أشلاءُ
«الشهيد»
وهو الشهيدُ على حقيقة خلقهِ
نَعِمتْ شهادتُه بها كُرَماءُ
«الحق»
الحقُّ أنت وأمرُكَ الحقُّ الذي
صدعوا بهِ ولهُ انتهى العُقلاءُ
«الوكيل»
ويُقيمُ أمرَ الخلق فيما خصّهم
فهو الوكيلُ تقدّس الإيلاءُ
«القوي»
وهو القويُّ بذاته لا ناشداً
من غيره عوناً فجلَّ كفاءُ
«المتين»
إنّ المتين كما تجلّى قدرهُ
قهر الطغاةَ فهم به أنضاءُ «8»
«الولي»
أنت الوليُّ وحسبُ مَن أسعدتَهم
فخراً وعزّاً أنّهم وُجَهاءُ
«الحميد»
الحمدُ توجبُه النُهى شُكراً على
نِعَمٍ يدينُ لفضلها العُرَفاءُ
«المُحصي»
إنْ كنتَ تُحصي للعباد ذنوبهم
فلقد عفوتَ فهم به خُلُصاءُ
«المبديء»
النشأةَ الأولى بدأتَ وبعدها
خُلِقتْ كياناتٌ ومُدَّ فضاءُ
«المُعيد»
تُفني الورى وتُعيدهم لحياتهم
أنّى تُريدُ جرى به الإجْراءُ
«المُحيي»
أحيَيْتَ إذ كَرّمْتَهم وحملتهم
برّاً وبحراً منذُ هبّ هواءُ
«المُميت»
وتُميتُ خلقَك بعد أن أوجدْتهم
فبأمرك الإيجادُ والإفناءُ
«الحيّ»
حيٌّ وجودُك دائمٌ لا قبلهُ
أو بعدَه عَدَمٌ فجَلّ بَقاءُ
«القيّوم»
وتُقيمُ أحوالَ الخلائق دائما
أبداً فلا سِنَةٌ ولا إغفاءُ
«الواجد»
هو واجدٌ فله الخزائنُ كلّها
سبحانهُ له عن سواهُ غَناءُ
«الماجد»
للكبرياءِ ومجدها هو صاحبٌ
للمجدِ في ملكوتهِ إرساءُ
«الواحد»
الواحدُ الفردُ الذي خضعتْ له
كلّ الجباهِ فما له شُركاءُ
«الأحد»
أحَدٌ فليس كمثله شيءٌ فلا
نِدٌّ له كلاّ ولا أكفاءُ
«الصّمد»
صَمَدٌ له الحاجاتُ قد رُفِعت فما
مِن غيرهِ قُضِيتْ ولو زُعَماءُ
«القادر»
هو قادرٌ لا ريْبَ في قدراتهِ
فبها يُنيرُ الضوءُ فهْوَ ذُكاءُ «9»
«المُقتدر»
يا ربّ أنت عظُمْتَ مُقْتدراً على
كلّ الأمور خلَقْتَ وهْيَ خواءُ
«المُقدّم»
مَن ذا يُقدّمُ أمرنا إلاّ عُلا
ك ، كما ترى ، الإسراعُ والإثناءُ
«المؤخّر»
قدّمتَ أو أخّرتَ ، أمرُكَ نافذٌ
كُتِبَ النفاذُ فما له إنْساءُ
«الأول»
خَلقَ السماواتِ العُلى بنظامها
هو أوّلٌ ولذاتهِ العَلْياءُ
«الآخِر»
هو آخِرٌ لا شيء بعدَه مثلما
هو أوّلٌ فلَها العُلى أسْماء
«الظاهر»
ظهرت دلالاتُ الوجود لذاته
في كلّ مخلوقٍ له إمْضاءُ
«الباطن»
ولهُ الإحاطةُ وحدَه ببواطنٍ
من ذاته سُتِرتْ فلا إبداءُ
«الوالي»
سبحانه هو مَن يُساعد ناصراً
لعباده والٍ له فُزَعاءُ
«المُتعالي»
ربُّ الخلائق قد تعالى قدرهُ
فوق الورى له عِزّةٌ قَعْساءُ «10»
«البرّ»
البرُّ مُنْتسِبٌ لهُ ، ولفضلهِ
حسُنتْ عطايا الناس والإهداءُ
«التوّاب»
للتائبين ملاذُهم وخلاصهم
مُحيتْ فما بقيَتْ لهم أخطاءُ
«المُنتقم»
ومن الذين تجاسروا في جُرمهم
الله مُنتقمٌ وهم جُبناءُ
«العفوّ»
وهو العفوُّ لمن دعا مُستغفراً
وأتى إليه وعزمُهُ الإيفاءُ
«الرؤوف»
كثرتْ خطايا الناس في صفحاتهم
لكنّ رأفتَهُ بهم إنْجاءُ
«مالك الملك»
مَن ذا ينازع مالك الملك الذي
فطر الحياةَ نمت لها أفياءُ
«ذو الجلال والإكرام»
ياذا الجلالِ كملْتَ إجلالاً لقد
قصدتْ إليك قلوبُنا الحرّاءُ
«المُقسِط»
ولقد منحتَ الناسَ كلَّ حقوقهم
أقْسطْتَ إذ كُشِفتْ لهم أرزاء
«الجامع»
وجمعْتَ يوم الحشْرِ كلّ حقيقةٍ
وكذا الخلائق ردَّهم إِحياءُ
«الغني»
وغنيْتَ فضلاً عن سواك أصالةً
فهو الغنيُّ وغيره ُفُقراءُ
«المُغني»
تُغني العبادَ فهم به في نعمةٍ
وبها جرت روحٌ لهم ودماءُ
«المانع»
وكما تريدُ منعْتَ كلّ نقيصةٍ
وحَميْتَ عبْدك وانزوت ضرّاءُ
«الضّار»
غضَبٌ على العاصين عن عصيانهم
والضُرُّ حتى يَرْعَوي السُفهاءُ «11»
«النافع»
نعِمَ الوجودُ بما نشرْتَ منافعاً
سعدتْ بها الأجناس والأرجاءُ
«النور»
النور أنت أنارها دُرُباً لنا
في ضوئهِ نمشي فزال َعَماءُ
«الهادي»
منك الهدايةُ نحن طوع سبيلها
وإذا هديْتَ فما يكون عياءُ
«البديع»
أبْدعْتَ خلقاً لا مثيلَ عنايةً
ورسمتَ إبداعاً فَبانَ بهاءُ
«الباقي»
كلٌّ يزول وأنت تبقى لا مدى
لبقاكَ ، ما لوجودك استثناءُ
«الوارث»
ترِثُ السماوات الطباقَ وما بها
والأرضُ رهن يديك والأحياءُ
«الرشيد»
الرشْدُ من نِعَمٍ منحْتَ لنهتدي
وبها رَشَدْنا حين جاءَ نِداءُ
«الصبور»
أوْصَيْتَ بالصبر الذي هو حكمةٌ
أنت الصبور له الجلالُ رداءُ

يا ربّ أنت الله لا معبودَ إلْ
لا أنت ، نحن على الحياض ظماءُ
ولقد أتيتُ إليك ملتمساً على
شغَفٍ ستاراً للعيوب غطاءُ
أسماؤك الحسنى هنا سُطرتْ لها
لُطَفٌ يُرامُ بنظمها إرضاءُ
ولقد قصدْتُ رضاك فاكتب رحمةً
فبغيرها ظفرت بيَ الوعْثاءُ
وبرحمةٍ وسعتْ كما قَسّمتَها
حسُنتْ مذاهبُنا ولانَ جفاءُ
وهي البساطُ لدعوةٍ أدعو بها
عن أمّتي ، أخذت بها النكباءُ
أنت العليمُ بحالها فلقد وَنتْ
من ضُعفها عصفت بها الهوجاءُ
تركتْ تعاليم الهدى في جانبٍ
وغوى أهاليها وعزّ لقاءُ
متفرّقون فما لهم من مشهدٍ
ظهرتْ عليه شكيمةٌ ودهاءُ
وتخلّفوا في العلم وهْوَ فريضةٌ
واقتات من جهلٍ - بهم - أعداءُ
عاشوا على الماضي كلاماً ليّناً
ونسوا الفعالَ وأنّها العصماءُ
وبحق مَن حُكِمتْ له الآياتُ في
لوحٍ حفظْتَ ، ومَن له الإسراءُ
مبعوثك الهادي رسولٌ مُجتبى
ونبيّنا عظُمتْ به الآلاءُ
وبحقّ بيتك مَن شرفْتُ بقُربهِ
والآن أكْتُبها وحُقّ صَفاءُ
الكعبةِ العُظمى التي حرُمتْ ، لها
عيناي شاخصةٌ فثمّ ضياءُ
أدعوك ربّيَ أن تُهيّئَ نهضةً
فلأمّتي سِنَةٌ ثوتْ وبلاءُ
ولك العنايةُ ربِّ في إيقاظها
- من رقدةٍ - يصحو به الأبناءُ
يا ربّ صلِّ على النبيّ وآلهِ
خُتْم الكلام تُضيئهُ الأسماءُ.
1ــ وناءُ: الضعف والتعب
2ــ أيْدِه: قُوّته
3ــ أياءُ: الضوء
4ــ زهاءُ: كثير
5ــ حِباءُ: ما يُكْرَم به المرء
6ــ تترب: صاروا تراباً
7ــ حوبْاء: النفس
8ــ أنضاء: هُزال
9ــ الذُّكاء: الشمس
10ــ قَعساء: العزّةُ الثابتة
11ــ يرْعوي: يرْتَدع

❋ رمضان ١٤٤٣ هـ