علي بن سالم الرواحي:
آداب الدعوة إلى الله (1)
قال الله تعالى:(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) (الاسراء ـ 53).
من معاني الكلمات: (ينزغ) أي: يدخل في الأمر لإفساده، فهو يهيج بين المشركين الأمر بالإفساد.
التفسير الإجمالي: ومحور سورة الإسرائيل ـ مكية النزول ـ أو بني إسرائيل هو ترسيخ العقيدة، وجاء الأمر بالتأدب بأحسن طرق القول متعلقاً بثلاثة احتمالات كالتالي: بالمؤمنين في دعوتهم للمشركين والكفار ـ وقد جاء سبب النزول مؤيداً لذلك ـ وكذلك بالمؤمنين فيما بينهم حتى تثبت فيهم العقيدة أكثر وأكثر، فإن من مقتضياتها الحب في الله، والأخوة الإيمانية التي هي أكبر رابطة بين البشر، ونحن نعلم أن الإيمان عقيدة وقول وفعل، فالقول مكمل للاعتقاد بشكل لا ينفكان عن بعضهما البعض، وثالثًا بالناس كلهم حيث فسِّر (عبادي) بالناس، وعليهم أن يتلاطفوا فيما بينهم بالقول الحسن.
وفي المستويات الثلاثة تكون الدعوة إلى العقيدة الإسلامية مستوجِبة لهذا الأمر والأدب الرباني.
لقد أمر الله سبحانه عباده الدعوة باللين حتى لا ينفر الكافرون من الإسلام، وينهاهم عن المخاشنة في القول، وإلا فإن الشيطان يوقع العداوة بينهم على المؤمنين، ولا يخفى ما عليه الشطان من عداوة لآدم وذريته، منذ أن حسد إبليس آدم إذ فضله الله عليه، وتوعّد بإغواء الناس حتى يذهبوا معه إلى الجحيم.
ومن الملاينة التلاطف في القول بأن يقولوا (لا إله إلا الله) بلطف وأدب، أو يقولوا (يهديكم الله)، أو بالسلام، فيقابلون الإساءة بالإحسان، وذلك قبل تشريع الجهاد للدفاع عن النفس، وفي ذلك تأديب للسان عن الرذائل، وتأديب للدعاة والمربّين، ودرءً عن المخاطر والعداوات.