عادل سعد
لأنها تشغلني منذ وقت مبكر بوصفها إحدى المنافذ التنموية الواعدة على منصَّة التنمية البشرية المستدامة، أزعم لنفسي أنني مواظب على الاهتمام بمؤشراتها، أتابع ما يستجد فيها من مؤشرات تعزز فرصتها بوصفها أحد الحلول المهمة لمعالجة البطالة، وبما تقيم من مرادف اقتصادي مضمون وقيمة مضافة في قائمة النمو بالنسخة الاجتماعية الخالصة، وفي كل مرة أعود للكتابة عنها أجد لدي رصيدًا من المعلومات الإضافية التي تستحق التنويه بها.
ما أقصده المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة، والمناسبة الآن، مؤشرات نموها في سلطنة عُمان وفق تقرير نشرته هذه الصحيفة الغرَّاء (الوطن) ضمن عددها الصادر يوم الاثنين الماضي محصيًا ارتفاع عددها إلى (أكثر من 73 ألف مؤسسة مُسجَّلة في السلطنة بنهاية مارس 2022 بينما كان عددها 51 ألفًا و663 مؤسسة خلال الفترة نفسها من عام 2021).
أرقام الارتفاع ذاتها وبمعدلات واسعة وجدتها في تفحصي لهذا النوع من المشاريع ضمن اقتصادات دول أخرى بينها مصر والجزائر، وإذا كانت مخرجاتها تضمن حيوية الاقتصادات التي تعطي أهمية لها، فإن من أهم الاستنتاجات التي توصلت لها أنها تخضع لجدلية الارتفاع والانخفاض في توجُّهاتها تأسيسًا على عدد من المحصلات، فعلى صعيد مقياس الارتفاع، أنها أكثر ضمانة لتشغيل المزيد من الأيدي القادرة على العمل، وهي الأكثر سهولة في فنون التسويق والوصول إلى المستهلك، وهي أيضًا تتطلب المزيد من التركيز في الحرص على مقياس الجودة وفق تطبيقات السيطرة النوعية؛ لأنها تحت اليد ـ إذا صحَّ التعبير ـ لمحدودية كمياتها، وبالمقابل تحكمها أربع انخفضات، الأول، انخفاض الكلفة المالية المخصصة لها، الثاني انخفاض المخاطرة قياسًا بالمشاريع الكبيرة، الثالث انخفاض المساحة المكانية التي تشغلها، الرابع، انخفاض كلفة تنقل العاملين فيها خصوصًا إذا كانت بإدارة عائلية ضمن منازل في مناطق ريفية، أو في ضواحي مدن.
وبين جدلية الارتفاع والانخفاض يظل البُعد النفسي بالنسخة التنموية في هذه المشاريع واحدًا من الاعتبارات المهمة في انتزاع الشرائح البشرية التي تتولى إدارتها لتكوين خبرات ما يسمى بالذكاء العاطفي، أي المهارة الناعمة وفق توصيف مركز جامعة بيل للذكاء العاطفي، وبقدر ما يتعلق الأمر بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة فإن هذا النوع من المهارة ينطلق من قائمة مشاعر تنطلق من اعتبارات أن تلك المشاريع أملاك خاصة عليهم عدم التفريط بها لأنها مصادر أرزاقهم الأساسية، وأن التشبث بها يحميهم من البطالة وما يصاحبها من انتظارات قاسية، فضلًا عن أن قلة عدد العاملين تجعلهم أكثر اقترابًا مع بعضهم البعض ما يسهِّل حل المشاكل التي قد تحصل بينما تكون المعالجة صعبةً عندما تكون قائمة العاملين طويلة تبعًا لضخامة المؤسسات ذات المجال المشابه.
الحال، الإدارة العاطفية العامة ميسرةً مسبقًا في المجتمع العماني بإرثه الاجتماعي التاريخي وحضوره العاطفي العائلي المعروف مما يعطي أرجحية للنجاح في المشاريع الصغيرة والمتوسطة تأسيسًا على هذا الرصيد، إضافةً إلى ما يتمتع به من حضور للتحديث الاقتصادي المتنوع، وأملي أن تؤخذ معدلات الزيادة في تلك المشاريع للبناء عليها وتوظيب المزيد من الحضور التنموي العام لها.
إن هناك العديد من العناوين التي تصلح للدراسة العلمية من أجل توطين فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة مصدر جذب لدى الرأي العام العماني.