هافانا- أ ف ب:
في محترف روبرتو دياغو الواقع في منزل مشيد سنة 1920 تم ترميمه حديثا، يحدق خمسة أميركيين بأعمال الفنان الكوبي... "إنها لوحة اشتريتها في آخر زيارة لي إلى هنا"، يقولها محام أميركي في الثالثة والثلاثين من العمر مشيرا بيده إلى إحدى لوحات روبرت بينتا. وهذه الزيارة الثانية خلال شهرين لهذه المجموعة الصغيرة الآتية من لويزفيل (ولاية كنتاكي) والتي تحظى بتصريح زيارة مخصص لتجار الأعمال الفنية. هؤلاء لم يضيعوا الوقت في حين أعلنت كوبا والولايات المتحدة أخيرا تقاربا تاريخيا بعد 53 عاما من انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأقر كورت هونيكي (33 عاما) الذي يعمل في القطاع المالي "إننا نقوم بنوع من زيارة طوارئ"، مضيفا "اعتقد أن الفن الكوبي على وشك تحقيق انتشار كبير. الأمور تتحرك بسرعة، أسرع بكثير مما كان يعتقد الجميع"، وذلك خلال تحديقه بلوحة قرر اقتناءها للتو. ويرافق البرتو مانيان، وهو كوبي أميركي صاحب معرض "مانيان ميتز غاليري" للأعمال الفنية في نيويورك، هذه المجموعة من محبي شراء اللوحات. وبرأيه، لطالما شكل الفن الكوبي مصدر اهتمام بالنسبة للأميركيين إلا أن شهية هؤلاء ازدادت بقوة خلال الأسابيع الأخيرة. ففي يوم الإعلان عن الاتفاق على تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 17 ديسمبر الماضي، "تلقيت 25 اتصالا من هواة للجمع" على حد تعبير هذا الرجل الخمسيني. والحصار التجاري الصارم الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا منذ 1962 لا يطبق على المنتجات الثقافية أو الفنية، إذ كان الفنانون التشكيليون من القلة المحظوظين الذين تمكنوا من الإبقاء على زياراتهم بين البلدين، كما الحال بالنسبة للدبلوماسيين والصحافيين والأطباء والأساتذة الجامعيين. وأوضح الفنان الكوبي قدير لوبيز البالغ 43 عاما من منزله المشيد سنة 1950 والذي أعيد ترميمه وتخصيصه كاملا لأعمال الفن المعاصر، أن "الفن استثني من الحصار ، كان الأمر بمثابة فرصة كبيرة بالنسبة لنا". وأعاد هذا الامتياز إلى "حرية التعبير" التي تروج لها الفنون. فعلى الرغم من المراقبة المتشددة على المعلومات من جانب السلطات الشيوعية في كوبا، أكد لوبيز أنه لم يضطر يوما إلى تغيير عمله. وقال "المفارقة كبيرة جدا. يمكنكم التحدث عن كل شيء، لكن ذلك كله يتوقف على الطريقة التي تقدمون الأمور فيها". وقد سمحت هذه الامتيازات لبعض الرسامين الكوبيين بتحقيق شهرة تخطت حدود الجزيرة. في هذا الإطار، أشار قدير لوبيز إلى أن عمله الأول الذي بيع بـ300 دولار قبل 20 عاما، تقدر قيمته حاليا بما لا يقل عن 25 ألف دولار على الصعيد الدولي. لكن بالنسبة للأميركيين، لا تزال القيود المفروضة على الدفع بواسطة بطاقات الائتمان المصرفية وعمليات الشحن المباشرة سارية ما يعقد الإجراءات بالنسبة للشراة. وعادة ما يلجأ محبو اقتناء الأعمال الفنية الكوبية إلى الدفع نقدا أو عن طريق دار معارض فنية في بلد ثالث ونقل مشترياتهم عبر أوروبا، وهو حل أوفر بالمقارنة مع كندا أو المكسيك على الرغم من أن الفاتورة النهائية تقارب ثلاثة آلاف دولار للقطعة الواحدة.
ورأى لويس ميريت مدير "غاليريا هافانا"، أقدم المعارض الفنية في الجزيرة، في التقارب بين البلدين فرصة لتبسيط المعاملات والترويج بسهولة اكبر للفنانين المحليين.
وقال ميريت "سيظهر لاعبون جدد على الساحة ودور عرض جديدة للأعمال الفنية ومراكز فنية ومتاحف ، إذا ما جرى تبسيط الأمور، سيزداد الاهتمام بالفنانين الكوبيين".
وبحسب وزارة السياحة الكوبية، نهاية الحظر قد تجلب مليون سائح إضافيا سنويا إلى الجزيرة، ما يضفي لمسة تفاؤل داخل الوسط الفني الكوبي لكن أيضا خوفا من تأثير ذلك سلبا على مستوى الأعمال الفنية في البلاد. وأوضح روبرتو دياغو (43 عاما) الذي تقدر قيمة بعض أعماله بحوالي مئة ألف دولار، لوكالة فرانس برس "إننا كفنانين كوبيين لطالما أظهرنا اهتماما كبيرا بما نقوم به، إذ إن (قواعد) السوق لم تشكل يوما عاملا مؤثرا في إنتاجنا". وأضاف "اعتقد أن هذه الطفرة يمكن أن تكون جيدة وخطيرة على السواء. كل ذلك يعتمد على الطريقة التي سنتمكن عبرها من إدارة هذا السيل من الطلبات".