هيثم العايدي
فيما يرصد أحدث تقارير البنك الدولي مستقبل الأسعار عالميا وتطوراتها في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية, فإن السيناريو الذي يضعه هذا التقرير يرسم متوالية عالمية لارتفاع الأسعار تتخطى أسعار الطاقة الأحفورية لتطول العديد من السلع الأخرى وأيضا الطاقة المتجددة.
ووفقا لأحدث إصدار من نشرة "آفاق أسواق السلع الأولية" التي يصدرها البنك الدولي فإن الزيادة التي شهدتها أسعار الطاقة على مدى العامين الماضيين هي الأكبر من نوعها منذ أزمة النفط التي صاحبت حرب أكتوبر عام 1973, كما أن الزيادات الأخيرة في أسعار السلع الغذائية تفوق مثيلاتها في أزمة الغذاء عام 2008 نظرا لأن روسيا وأوكرانيا تعدان أكبر المنتجين، هذا مع الوضع في الاعتبار زيادة أسعار الأسمدة التي تعتمد على الغاز الطبيعي.
كما يقول التقرير إن الأزمة تتصاعد مع القيود المفروضة على تجارة السلع الغذائية والوقود والأسمدة، ما يزيد من إمكانية حدوث ركود تضخمي، حيث من المتوقع أن تُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة تاريخيا حتى نهاية عام 2024, كما من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة أكثر من 50% في 2022 قبل أن تتراجع قليلا في عامي 2023 و2024، وأن ترتفع أسعار السلع الأولية غير المتصلة بالطاقة، بما في ذلك السلع الزراعية والمعادن، بنسبة 20% تقريبا في عام 2022، لكنها ستتراجع أيضا في السنوات التالية.
كما أن معدلات هذه التوقعات ستزيد بالتأكيد مع طول أمد الحرب؛ لتكون النتيجة الطبيعية أن تتسبب الزيادة في أسعار المواد الغذائية والطاقة في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة وتفاقم الضغوط التضخمية.
كذلك فإن هناك عامل ضغط آخر يتمثل في أن الارتفاع الحاد في أسعار مستلزمات الإنتاج، مثل الطاقة والأسمدة سيؤدي إلى انخفاض إنتاج السلع الغذائية، لا سيما في الاقتصادات النامية. وسيؤثر انخفاض استخدام تلك المستلزمات على إنتاج السلع الغذائية وجودتها، ما يؤثر على توافر المواد الغذائية أي استمرار دوامة ارتفاع الأسعار.
كما أن ارتفاع الأسعار وخصوصا في معادن مثل الألمونيوم والنيكل سيؤدي أيضا إلى ارتفاع تكلفة الطاقة المتجددة التي تعتمد على هذين المعدنين لدخولهما في صناعة البطاريات.
وإذا كان التقرير قد حث واضعي السياسات على الاتجاه إلى برامج شبكات الأمان الاجتماعي الموجَّهة مثل برامج التغذية المدرسية، وبرامج الأشغال العامة.. فإن هناك اتجاها آخر يتمثل في تعزيز الاستثمارات في القطاعات المتأثرة بالأزمة، والتي منها الإنتاج الغذائي ومصادر الطاقة؛ لِمَا تحققه من ضمان استدامة هذه الإمدادات وأيضا ارتفاع معدلات التشغيل.