وليد الزبيدي:
لأن الجندي السابق في الجيش الأميركي فقد بعض أصدقائه في العراق بعد تصدي المقاومين العراقيين لهم وقتلهم لأنهم غزاة محتلون، هاجم مايك برايسنر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، وخاطبه وجها لوجه قائلا إن "بوش" كاذب وإنه تم إرساله لحرب العراق بناء على أكاذيب، وجلّ ما طالب به الجندي السابق والساخط اعتذار بوش للعراقيين، لكن هل يكفي الاعتذار عن كل الذي حصل وما زال يحصل في ذلك البلد؟
في البداية لنتوقف عند المتغيرات الهائلة التي حصلت في مجريات الحرب الأميركية على العراق وتداعيات ذلك بعد احتلال العراق، هذا البلد الصغير، الذي عصفت به العقوبات الأميركية القاسية طيلة ما يقرب من عقد ونيف، ونظرا للقوة الأميركية الهائلة في الميادين العسكرية والاقتصادية والإعلامية، استطاع الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من الحلفاء والداعمين والمساندين والذين قدّموا التسهيلات من احتلال العراق في العاشر من نيسان ـ أبريل من العام 2003 وفي وقت قياسي، وبعد مضي ثلاثة أسابيع بالتمام والكمال ظهر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش القائد العام للقوات الأميركية على ظهر حاملة الطائرات الأميركية "ابراهام لينكولن" ليلقي خطاب "النصر" الشهير في الأول من مايو2003، ومن يتذكر ذلك الخطاب وما صاحبه من تصفيق وهتافات هائلة من الجيش الأميركي المتواجدين في المكان، يجد صورة تأييد هائلة لبوش، واعتقد هؤلاء أن ما أراده بوش وإدارته قد سار بالمسار الذي رسموه، لكن على الطرف الآخر فقد شمَّر المقاومون الأبطال من رجال المقاومة في العراق عن سواعدهم لتبدأ مرحلة قد تكون الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، وبينما كان بوش يلقي خطابه فقد وصل عدد الجنود الأميركيين الذين قتلهم المقاومون حتى ذلك التاريخ 22 أميركيا، وبدأ مسلسل القتل في العاشر منذ نيسان ـ أبريل أول يوم في عمر الاحتلال ليتواصل بقوة وشجاعة وتخطيط قلَّ نظيره.
يقول الجندي الأميركي إن كذبة بوش ترتب عليها قتل مليون عراقي، نضيف أن ملايين العراقيين تم تغييبهم وتهجيرهم وتجويعهم وتيتموا وغير ذلك الكثير وينطوي على فظائع ووحشية وكوارث لا مثيل لها، فهل يكفي الاعتذار من قبل الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش وطواقمه التي عملت معه واللاحقة التي واصلت جرائمها بحق العراقيين؟
ما زالت فظائع الاحتلال الأميركي متواصلة في العراق وبأدواته المعروفة المباشرة وغير المباشرة، ولم تتوقف أو تنقطع سلسلة جرائمهم، وما عاناه الجنود الأميركيون، الذين زجوا بهم في احتلال العراق لا يُمثِّل إلا نسبة تكاد لا تذكر قياسا بما حصل ويحصل للعراقيين، لكن موقف هذا الجندي ومواقف مئات ملايين الأميركيين ضد الاحتلال، تمنح العراقيين فرصة كبيرة لمقاضاة المشاركين في الغزو والمساندين للمحتلين والمؤازرين والمتعاونين وسواهم من الذين سلكوا هذه المسالك.
هل يكفي الاعتذار؟ بالتأكيد كلا.