د ـ أحمد بن علي المعشني
يعتبر قانون الاستبدال من بين أفضل قوانين النجاح البشري ويتمثل هذا في قيام الشخص بإحلال فكرة إيجابية محل كل فكرة سلبية تقتحم تفكيره، واستبدال الظروف الصعبة بعمل حلول إبداعية. ولكي تنجح في تطبيق هذا القانون قم فورًا باستبدال كل فكرة سلبية أو شعور سلبي بعمل منتج وخلاّق وباشر القيام به فورًا.
وعليك أن تعرف جيدًّا بأنك أنت مهندس حياتك. لن تأتي ملائكة من السماء لكي تحدث تغييرًا في حياتك ما لم تقم أنت بتغيير تفكيرك، واستبدال أفكارك السلبية بأفكار إيجابية وبناءة، ومراقبة ما تسمع وما تواجه يوميًا من فوضى عقلية نتيجة تواصلك مع الكثير من الأشخاص السلبيين وتتابع العديد من القنوات الفضائية ووسائل التواصل الرقمي التي تعتمد الإثارة والتهويل من أجل جذب اهتمام المتابعين وجذب المعلنين التي تهدف إلى صناعة الإثارة وإيجاد دراما قاتمة للحياة. تنقل هذه الوسائل وتبالغ في نقل الأخبار السيئة.
ذات مرة وجدتني منخرطًا في نقاش عقيم بدون اختيار، وكدت أن أنزلق إلى وحل من السلبية يخوض فيها عدد من الجالسين ويلوكون كثيرًا من الإشاعات والأخبار الملفقة التي تظهر مأساوية الأحوال والأوضاع والظروف، وعندما حاولت أن أعبّر عن رفضي لهذا التفكير السلبي الأحادي، وطلبت من الجالسين أن يركزوا تفكيرهم على المزايا التي نتمتع بها في وطننا، قاطعوني بصوت واحد، أنت عايش في برج عاجي، أنت تقيس الأمور من منظور ضيق، أنت لا تشعر بمعاناة.
حاولت أن التزم الهدوء، وقلت لهم بأن النقد لا يعالج الخطأ وأن التشاؤم مرض نفسي خطير وخلل في الدين والعقيدة، وأن الظروف التي نمرُّ بها يمرُّ بها العالم نتيجة للعديد من الأسباب والعوامل، ومن الحكمة والصواب أن نتعامل مع التحديات كمحفزات للتفكير البديل، وأن نوجد حلولًا بدلًا من تكريس تفكير الضحية وممارسة حيلة العاجز الذي ينتقد ويتهم الناجحين ويسوق مبررات عدم المحاولة.
طبعًا لم يستمع إليّ الجالسون، وتجاوزوا طريقة حديثي ونصحي لهم وحواري معهم، وبينما كنت في ذلك النقاش الصاخب، تكلم شخص من الجالسين بهدوء وطلب من كل شخص في المجلس يستبدل طريقة تناوله للمواقف بأسلوب استبدال كل فكرة سلبية بفكرة جديرة بالتبني والعمل وسوف يحدث ذلك فارقًا كبيرًا في ظروف الناس والمجتمع.
وأخبرني عن قصة امرأة أرملة تربي أيتامًا في صلالة، وتسكن بيتًا شعبيًا متواضعًا، وتتقاضى راتبًا من الضمان الاجتماعي لا يزيد عن ثمانين ريالًا عمانيًا، ولكنها استبدلت حالة الفاقة بحالة العمل والكدح، واستبدلت الشكوى والتذمر بالعمل، فبدأت نشاطها الطهي في بيتها وتعاقدت مع سيارة تنقل طلباتها إلى زبائنها المنتشرين في جميع أنحاء مدينة صلالة من ريسوت غربًا إلى الدهاريز وصحلنوت شرقًا، ولا يستغرق منها العمل في مشروعها سوى ساعات قليلة، تتفرغ بعدها إلى تربية أبنائها وإسعادهم.
لم تتلقَ تلك المرأة تدريبًا في معاهد أو مؤسسات ولم تدرس في كلية أو جامعة، وليس لديها شهادة دراسية، فقط تعتمد على التفكير الإيجابي البناء، وتدفع الظروف الصعبة بالتفكير الايجابي والعمل المتقن والصبر والاستمرار مع التطوير حتى استطاعت أن تحقق ذاتها وترتقي بعملها وتزيد دخلها وكانت تردد عبارة:(إذا أعطتك الحياة ليمونًا فاصنع منه "ليمونادة") وأن توقد شمعة خيرًا من أن تلعن الظلام.

* رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية