شعر : حمد الراشدي

يا رياضاً هل أجْتني منك نفحا
كي أدارى شوقاً تمادى ولفحا
يا غصوناً قد شاغلتني بفرعٍ
ينثني راسلاً عذاباً وفرحا
يا لحاظاً من ناعسٍ أسْهَمتْني
كنتُ مطروحاً زدْتُ غُلْباً و طرْحا
يا رياحاً راودْتُها عن رباها
ثَبّتيني بها ظِلالاً ودوْحا
أين ما كنتُ من رحابٍ فإنّي
راشفٌ من رضابها لذَّ سيْحا(١)
عندما تشرقُ الشّموسُ العوالي
شمسُها قبْلَها إضاءً وصبحا
كيف لا أهواها ؟ أنا في هواها
ناسِكٌ في ليلي وأغدو وأضْحى
يا عمانُ يا قِبلةَ الكون حُبّاً
كنتُ أشتاقُ ، بعدها هِمْتُ برْحا
كلُّ شيءٍ من رسمها في كياني
كلُّ نبضٍ أحيا به منكِ نَضْحا
من شذاها ضُوِّعتُ ورداً و كيذاً(٢)
حينما تُهدي ينشرُ الكيذُ رشْحا
من سناها أقمارُ جُرْمٍ تنادي
دعكَ من نورنا فقد زُدْتَ وضْحا
يا بلادي أسطورةُ الحبِّ تُروى
يا فؤادي ما غيرها رُمتَ رُبحْا
عندما جال في السماءِ افْتكاري
ألهمتني السماءُ حُبّاً و بوْحا
حبُّها يستضيءُ كم منه صدري
لُجّةُ الوجْدِ غُصْتُ فيها وسبْحا
يا عمانَ الجبال طالت ذراها
أنت صوتُ المجدِ المُعلّى صدْحا
أنتِ روضٌ للسلام إنْ جدَّ جدٌّ
في المواثيقِ ما غنى عنه شرْحا
أنتِ من صنع الله رسماً وإسماً
فيك آياتٌ من ذرى المجد فتحا
أنت أعماق البحر جادت جُماناً
باسقاتٌ من نخلها جِدْنَ بلْحا
أنتِ وديانٌ كلّما جاد غيثٌ
أنهراً من نميرها جاء قِرحاً
يا لباناً كم ضُوّعِتْ منْك طيباً(٣)
من ديارٍ سافرْتَ نشْراً وفوحاً
يا عيون المها تراعي طلاءً
لا تخافي ما غائبٌ عنك لمحا
يا أفانين للجمال المُزكّى
أعْيُني في ربوعها طِبْنَ سرحا
لن أغار الهيام في همسِ قلبي
أنت أقداري كلّها فِزْتُ مِنحا
أعذريني من حقِّكِ الدمُ يجري
لا مداداً ، مهما هَمى فيك مدحا
وسلامٌ منّي على عاذلٍ إنْ
قال إنّي مُقاربٌ فيك نصحا.
(١) لذّ سيحا : لذّ بلعاً أي الرضاب ، والسيح هو الجريان
(٢) الكيذا شجرة من البيئة العمانية ذات رائحة زكية
(٣) الشجرة المنتجة للبان العطري المعروف تاريخيا وتختص به محافظة ظفار من عمان .