بين الهوس بالعدوان والإرهاب والشعور بمرارة الخيبة والحسرة جراء توالي الفشل والانكسار والهزائم، تشتد مشاعر الحقد والكراهية لدى كيان الإرهاب الإسرائيلي وقطعانه والعصابات الإرهابية في سوريا التي فاحت علاقته بها روائح كريهة تزكم أنوف شعوب المنطقة مقدِّمةً دليلًا دامغًا على أنه الطرف الأصيل وما عداه مجرد وكلاء وعملاء وخدم في كل الإرهاب والفوضى والخراب والدمار والتشريد الذي تكتوي به المنطقة.
على أنه لا تزال عينه موجهةً نحو سوريا وحلفائها، لكونها مفتاح السيطرة على المنطقة، ومن يملكه يصبح حكمًا وواقعًا سيدًا على المنطقة آمرًا ناهيًا، ولهذا وأمام صمود سوريا شعبًا وجيشًا وقيادةً، وتحول الجيش العربي السوري من مرحلة الدفاع إلى مرحلة المبادأة والمباغتة في مطاردته الوكلاء والعملاء والخدم من التنظيمات الإرهابية وتطهير المناطق السورية من رجسها، كان أثر هذه الهزائم النكراء كبيرًا على كيان الإرهاب الإسرائيلي الطرف الأصيل، ويلاحقه صباح مساء. فهو إزاء هذه الانكسارات والهزائم المتلاحقة لا يزال يمني النفس بأن تكون سوريا في قبضته من خلال دور عملائه ووكلائه وخدمه ونجاحهم، سواء تلك التنظيمات الإرهابية أو أولئك الذين يذرعون المنطقة والعالم بين أسيادهم آخذين منهم الوصايا والتوجيهات.
وبين وجع الهزيمة وألم الخيبة والفشل يحاول يائسًا كيان الإرهاب الإسرائيلي رفع معنويات عملائه ووكلائه وخدمه بعدوان هنا وآخر هناك، حيث أطل الإرهاب الإسرائيلي مجددًا أمس الأول برؤوسه وذيوله منتهكًا السيادة السورية مغتالًا قادةً وأفرادًا في المقاومة اللبنانية في مزارع الأمل بالقنيطرة بعد أن استهدفهم صاروخان أطلقتهما مروحية إسرائيلية.
ويأتي هذا العدوان الإرهابي ـ المجرَّم قانونًا وشرعًا والمدان بأشد العبارات ـ ضمن سلسلة الجرائم التي راكمها كيان الإرهاب الإسرائيلي منذ نشوب المؤامرة على سوريا، وهو ـ بلا شك ـ عدوان إرهابي يعبر في أبسط صوره عن مدى ما تتميز به قلوب الصهاينة من حقد أعمى وكراهية وتآمر وغدر، ويأتي كذلك للدلالة على العلاقة العضوية القائمة بين هذا الكيان الإرهابي والعصابات الإرهابية كجبهة النصرة وداعش وغيرهما الموضوعة دوليًّا على لائحة الإرهاب، والدعم اللوجستي لها وذلك لتمكينها من مواصلة إلحاق الدمار والخراب بالدولة السورية وإلحاق الأذى قتلًا وتشريدًا وتهجيرًا وفتنًا بين مختلف مكونات المجتمع السوري، والاستمرار في استنزاف الجيش العربي السوري.
وإذا كان هذا العدوان الإرهابي جاء بُعيْد المسيرة المنددة بالإرهاب في باريس والتي تقدمها أكبر رموزه وهو مجرم الحرب والإرهابي بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الإرهاب الإسرائيلي، فإن العدوان أعقب أيضًا اللقاء الذي أجرته قناة الميادين مع حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله الذي أكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن أي عدوان على سوريا هو عدوان على محور المقاومة، وأنه لن يمر دون رد، وأن الرد عليه مفتوح وقد يحصل في أي وقت، ما يطرح علامات استفهام كثيرة؛ فهل هذا العدوان هو حصاد آخر للهجمات التي شهدتها فرنسا مؤخرًا والتي قادت إلى تحالف أوروبي ـ أميركي ـ صهيوني ضد ما أسموه زورًا "الإسلام المتشدد والمتطرف"، من جهة أن المجرم نتنياهو يريد توظيف هذا التحالف، أو أنه يحاول جر حلفائه وعملائه إلى حرب مدمرة ضد سوريا وحزب الله، أي محاولة الانعطاف على الفشل في التدخل العسكري المباشر على سوريا باستفزاز سوريا وحزب الله وارتكاب جريمة ضدهما أو ضد أحدهما، تدعوهما للرد جريًا على ما أكده حسن نصرالله بأن محور المقاومة سيرد إذا ضربت سوريا أو أحد أطراف المحور؟
لكن، وعلى الرغم من هذه الغفوة الإسرائيلية على كابوس تدمير سوريا، أو الاستيقاظ على أضغاث أحلام بضرب المقاومة اللبنانية، فإن يقينًا ثابتًا وجازمًا أن كيان الإرهاب الإسرائيلي لن يحصد إلا ما يحصده الآن من خيبة وحسرة وفشل وهزائم وانكسارات، بل سيجني المزيد من ذلك، وسيهدم المعبد على رؤوس قطعانه بحماقات قادته مجرمي الحرب.