تسعى السَّلطنة من خلال رؤية "عُمان 2040" إلى إيجاد نُمو مستدام، يضمن حياة الرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية، وذلك عَبْرَ مجموعة سياسات اقتصادية تسعى إلى تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود، والاستفادة من العديد من القطاعات الواعدة التي تمتلك مُقوِّمات ستصنع الفارق في المستقبل القريب، وستُحقِّق للاقتصاد الوطني القيمة المضافة لثرواته الطبيعية، ما يصنع فُرصًا واعدة للمؤسَّسات الصَّغيرة والمتوسِّطة، المرتبطة بتلك القطاعات، لِيكُونَ مردود ذلك كبيرًا في توفير فُرص عمل حقيقية للكوادر الوطنية، ويظلُّ جذْب الاستثمارات المحلِّية والعالمية هو الرهان الرئيسي لتحقيق تلك الأهداف والطموحات المرجوَّة، والتي تعمل وفق رؤية سامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ تدرك جيدًا ما تمتلكه السَّلطنة من عناصر متكاملة للجذْب الاستثماري والتي تبدأ بالموقع الاستراتيجي المتَّصل بطُرق التجارة الحيويَّة بَيْنَ الشَّرق والغرب، الأمْر الذي يجعلها بوَّابة لنَحْوِ 54 مليون مستهلك في أسواق دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ليضاف إلى ذلك القرب من الأسواق الناشئة في قارتي آسيا وإفريقيا.

ولعلَّ ما يرفع من سقف الطموحات الوطنية، هو ما تمتلكه البلاد من منظومة لوجستية متطوِّرة تضمُّ موانئ بَحْريَّة ومطارات وطُرقًا برِّيَّة ذات مواصفات عالمية عالية الكفاءة، تعزِّز الموقع الاستراتيجي، وتجعل من السَّلطنة مركزًا إقليميًّا للاستيراد والتصدير، لا سِيَّما أنَّها تقع على خطوط التجارة والملاحة الإقليمية والعالمية الرئيسة، ما يجعلها بوَّابة للمستثمرين من بقاع المعمورة كافَّة، بالإضافة إلى ما تملكه من المناطق الاقتصادية والحرَّة الهادفة إلى استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية والتي تقدّم العديد من الحوافز للمستثمرين. فالسَّلطنة تقدِّم العديد من المزايا والحوافز الاستثمارية التي تضاف إلى هذه الممكنات وعناصر القوَّة، ومنها حزمة من الحوافز، ومن ضمنها إعفاء ضريبي يصل لمدَّة خمس سنوات، ويمكن تمديدها وفق شروط معيَّنة إلى (10) عشر سنوات، وتملك أجنبي كامل بنسبة تصل حتى 100 بالمائة، وحُريَّة تحويل الأرباح ورؤوس الأموال وأنظمة تشريعية متكاملة لتنظيم القطاع الاستثماري والتجاري، وبنية أساسية متطوِّرة، بالإضافة إلى ميزتَيْ لاستقرار السياسي والأمني، الذي يجعل منها ملاذًا آمنًا لكُلِّ راغب في الاستثمار الحقيقي.

إنَّ تلك الحوافز والإمكانات الاقتصادية الواعدة تفعلها السَّلطنة بعلاقات دبلوماسية ممتدَّة شرقًا وغربًا، تستفيد من علاقات الصداقة والأخوَّة التي تجمعها بدول العالم، وبسياستها الرصينة التي تسعى إلى التقارب وبناء علاقات قائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة، وهو نهج دبلوماسي حكيم اتَّبعته السَّلطنة، وعملت على ترسيخه للانفتاح على الاقتصادات العالمية. ونجد مثالًا لذلك في اتفاقية التجارة الحرَّة المبرمة مع الولايات المتَّحدة الأميركية والتي تساعد على تخفيض الضرائب على الصادرات من العُمانية إلى الولايات المتَّحدة، الأمْر الذي يعمل أيضًا على إفادة شركائنا في الاستثمار، ويجعل من السَّلطنة طريقًا لدخول السُّوق الأميركية بسهولة ويُسْر.

وتُعدُّ جمهورية الهند من الأسواق الناشئة، لها مع السَّلطنة علاقات دبلوماسية واقتصادية قديمة وحديثة، كما أنَّها أحد الشركاء التجاريين للبلاد، فحَجْمُ العلاقات التجارية والاستثمارية بَيْنَ السَّلطنة والهند مستمرٌّ في التعمُّق؛ حيث إنَّه في عام 2021 زادت الصادرات العُمانية غير النفطية إلى الهند إلى 478 مليون ريال عماني (1.2 مليار دولار أميركي) بزيادة 172 بالمائة عن عام 2020 ما يشكِّل علامة على أنَّ المنتجات العُمانية تُثبت شعبيَّتها في السُّوق الهندي، في حين بلغت الواردات من الهند 782 مليون ريال عماني (ملياري دولار أميركي) بنسبة 94 بالمائة عن عام 2020، وهو ما يؤكِّد أهميَّة منتدى "استثمر في عُمان" الذي عُقِد في مدينة مومباي الهندية، والذي يستعرض مقوِّمات الجذب الاستثماري والفُرص المتاحة والحوافز المقدَّمة للمستثمرين في السَّلطنة لتعزيز التبادل التجاري بَيْنَ البلدَيْنِ الصديقَيْنِ، حيث شهد انعقاد المنتدى لقاءات ثنائية بَيْنَ الجانبَيْنِ العُماني والهندي لبحْثِ إبرام الاتفاقيات والشراكات وتوسيع التعاون بَيْنَ الجانبَيْنِ. فهذا المنتدى يُعدُّ فُرصة للالتقاء لصياغة أجندة أعمال جديدة من شأنها أنْ تساعد في دفع عجلة النُّمو لكُلٍّ من السَّلطنة والهند، حيث تمتلك الأخيرة اقتصادًا سريع النُّمو مع قوَّة عاملة هائلة وقدرة استهلاكية وطلب، حيث إنَّه اقتصاد يقدِّم ثروة من إمكانات المنفعة المتبادلة لمُجتمعات الأعمال لدى البلدَيْنِ.