د. يوسف بن علي المُلَّا:
أصبح الناس بعد جائحة كورونا أكثر إجهادا وتفاعلا من أي وقت مضى، فترى بعضا منهم أكثر تقلبا عاطفيا، وأكثر عرضة للمشاعر السلبية القوية، وغالبا ما ينتهي بهم الأمر في المواجهات التي تفضل تجنبها، وربما مع الأشخاص الذين تحبهم. فهل ذلك التفاعل العاطفي ـ عندما تكون العواطف غير مستقرة استجابة لضغوط الحياة العادية ـ زاد أثناء الوباء؟
ومن هنا لعلَّ أفضل نصيحة أقدمها، هي قولي لك: لا تفزع! من ناحية أخرى يجب أن نعلم أنَّ حالات الهلع قد تحدث بتواتر معيَّن، وفي الوقت الحالي هي فرصة لفهم الظاهرة في أنفسنا وتعلم كيفية إدارة عواطفنا بشكل أفضل. فإذا فعلنا ذلك، سنكون مجهزين بمهارة تساعدنا على أن نكون أصدقاء وآباء أفضل، حتى عندما يكون الوباء مجرد ذكرى بعيدة.
وربما يكون ذلك الفيضان العاطفي ـ إن استطعت تسميته ـ هي استجابة جسدية وعقلية تلقائية لرد فعل سلبي غير متوقع من قبل شخص آخر، عادة شخص قريب، تجاه ما يمكننا اعتباره أي تهديد. صحيح أن ذلك الفيضان العاطفي قد ساعد الناس في عصر ما على البقاء على قيد الحياة، لكنه غير قادر على التكيف مع معظم التفاعلات الحديثة. فنادرا ما تُعد الآن التفاعلات مع عائلاتنا تهديدا. فلم ينَمْ أي أب من قبل ويقول: أتمنى لو صرخت أكثر على أطفالي اليوم!
وبالتالي هذا يقودنا للبحث عن السر، والذي يكمن في إدارة عواطفك حتى لا تديرك هي! ولعلَّ أهم نقطة كما يذكرها خبراء علم الاجتماع هي إدراك مشاعرك ومراقبتها بأكبر قدر ممكن من الحيادية، بحيث تكون أقل اندفاعا وأكثر تحكما.
ومن هنا وفي لحظات التوتر الشديد والعواطف الصعبة كل ذلك يتطلب تدريبا، وأن تكون مدركا بذلك. حيث يتطلب الأمر مثلا السماح بمرور الوقت بين ظهور مشاعرك والتعبير عن مشاعرك. فهذا سيعطي التراجع خطوة إلى عقلك التنفيذي وفرصة لاختيار رد فعلك بدلا من الوقوع في ذلك الفزع أو التفاعل العاطفي. ولعلَّ هنالك عدة ممارسات لتجنب ذلك، منها: أنك عندما تغضب، عد لعشرة، قبل أن تتكلم فهذا بشكل وبآخر يقلل من عدوانيتك. ولإدارة المشاعر أيضا، يجب على المرء أن يلاحظها كما لو كانت تحدث لشخص آخر. فبهذه الطريقة، يمكن للمرء أن يفهم ويترك تلك المشاعر تختفي بشكل طبيعي بدلا من تركها تتحول إلى شيء مدمر.
من ناحية أخرى، يجب أن تعي بأن عواطفك مثل تحسين المنزل: يمكنك تعليم نفسك، ولكن من الأفضل الحصول على بعض المساعدة عندما تكون الوظيفة صعبة بشكل خاص. فإذا كان الفيضان العاطفي أشبه بشق في أساس المنزل، فقد تفكر في الحصول على بعض المساعدة المتخصصة في شكل علاج.
ختاما، سواء كنت تحقق ذلك التحكم العاطفي بنفسك أو بالعلاج، فإن تعلم أن تكون طالبا لنفسك هو أهم خطوة لتصبح أكثر صحة عاطفيا، وتتجنب الكثير من الندم. وفي المرة التالية التي يزعجك شخص ما، ستتمكن من إدارة عواطفك كالمحترفين.