مؤلمة هي الرسوم العالية في جامعاتنا وكلياتنا الخاصة من خلال أنها تشكل عقبة رئيسية في أن يكون التعليم متاحا للجميع لكافة شرائح الوطن ، بالرغم أن الحكومة الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ حفظه الله وأبقاه ـ وفرت الكثير من المميزات والتسهيلات لهذه الجامعات والكليات حتى تكون رسوم هذه الجامعات ولكليات الخاصة رمزية، ولكن مع مرور الوقت ظلت الرسوم كما هي عالية جدا مقارنة بمستويات دخل المواطنين، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة،إلى متى ستظل هذه الرسوم عالية جدا ؟ وكم نحن في حاجة ماسة في أن يكون ارتباطنا بالوطن وبالأجيال أعمق وأقوى من الارتباط بالمصلحة الشخصية والأسرية على حساب مصلحة الوطن والأجيال، وكم نحن أيضا في هذا الوطن العظيم بأجياله الرائعة بحاجة ماسة إلى الخروج عن الأفكار المألوفة بأساليب إبداعية متنوعة تكون أثارها عميقة بالأجيال على المدى البعيد في هذا الوطن الرائع، بعيدا عن لغة الطمع والجشع وحب النفس والظهور، على أن يكون الارتباط وثيقا في تقديم المزيد من التضحيات للوطن وكافة شرائحه، والقصة الإنسانية الجميلة الرائعة التالية تجسد أرقى قيم الحب، وأسمى درجات النبل والتضحية من أجل الأجيال، وتقول قصة هذين الزوجين من ريف كاليفورنيا: أنهما توجها إلى جامعة (هارفارد) قاصدين مكتب رئيس الجامعة, فقابلا سكرتيرته طلبا منها مقابلته فأخبرتهما بأنه مشغول جداً,وبعد الساعات الطويلة في الانتظار دخل الزوجان مكتب رئيس الجامعة, قالت له السيدة إنه كان لهما ولد وحيد درس في هذه الجامعة لعام واحد, ثم انتقل إلى رحمة الله , فقررا أن يتبرعا لجامعة هارفارد باقامة مبنى في الجامعة يحمل إسمه من أجل تخليده. رد عليها مدير الجامعة بخشونة: لا يمكننا أن نقيم مبنى لتخليد ذكرى الذين درسوا في هارفارد ردت عليه السيدة: نحن لا نرغب في إقامة تمثال لابننا, بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه في جامعة هارفارد. وقال لقد كلفتنا الجامعة ما يربو على سبعة ونصف مليون دولار. فما كان من الزوجين الا أن يغادرا هارفارد عائدين إلى كاليفورنيا ليباشرا بعد عام واحد فقط بتأسيس جامعة ((ستانفورد)) العريقة التي حملت اسم عائلة ستانفورد وخلدت ذكرى ابنهما على أن تكون الدراسة بالمجان.
لقد كان بالإمكان لهذين الزوجين الرائعين، أن يطمعا بالمال عند تأسيس الجامعة، ولكن القيم المتولدة بداخلهم أقوى وأعمق من مغريات الحياة، ليجسدا درسا وثيقا في حب الارتباط للوطن والإنسانية جمعاء على حساب المصلحة الشخصية .

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]