علي بن سالم الرواحي:
الخلُق هو وصف للدافع للأحكام العملية، مثال خلق البخل ينتج عنه عدم الزكاة والتصدق.
ويذكر ابن حبنكة أن الأخلاق ليست هي الصفات النفسية الوحيدة بل تشاركها صفات أخرى كالغرائز، لكن يبقى الفاصل بينهما هو اتصاف الأولى بالذميمة وبالحميدة دون الثانية، حيث إن الغرائز تكون بنسب متساوية لدى كل البشر تستدعيها حاجاتهم الفطرية، فكل إنسان إذا جاع يذهب للأكل.
مثال على ذلك: الأكل بحد ذاته لا يوصَف بالمذموم ولا المحمود حيث إن كل البشر يأكلون، لكن إذا أكل أحدهم بشره، فهناك من يأكل بدون شره، لذلك تحتم أن يوصَف بالمذموم أو بالمحمود إذا أكل باعتدال، وهكذا في جميع الغرائز النفسية.
والسلوك هو المظهر الخارجي للأخلاق، أو هو أعمال العباد، حيث تتنوع الدوافع في السلوك الإنساني إلى روحية وجسدية بغض النظر سواء أكانت ذات مصلحة فردية أو مجتمعية، أو كانت خُلُقية أو غير خُلُقية.
وعلى أية فإن كان السلوك حسنًا فإن جوهره أو خلقه أو دافعه حسن كذلك، والعكس، والأخلاق تحفظ للسلوك مقاصده وغاياته السامية، فمثلاً: الصدق وعدم اللغو يحفظ للصوم مقاصده التي تتمثل في تقويمه وتهذيب النفوس وإصلاحها ودفعها إلى فعل الخيرات وترك المنكرات، والحديث نفسه لسائر العبادات الأخرى، وفي حديث أبي أمامة الباهلي المرفوع:(إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ، وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ)،وإذا كان الدين يمثل التكامل بين التصورات العقدية وتطبيقاتها الشرعية، فإنه يعد ناقصًا بأحدهما دون الآخر، فلا إيمان دون عمل، ولا عمل دون إيمان، ويمثل الأسلوب الرباني في التعامل مع الناس على أساس يعود بالمنفعة على جميعهم دون قصور لبعضهم دون بعض.
* كاتب عماني