علي بدوان:
كل المؤشرات والمعطيات على أرض الواقع في دولة الاحتلال "الإسرائيلي" تذهب للقول والتأكيد بأن حكومة (نفتالي بينيت+يائير لبيد) سائرة نحو التفكك، وتعيش وقتًا مستقطعًا، بعد فقدانها النصاب القانوني في البرلمان مع فقدان أكثريتها البرلمانية، إثر انسحاب عضو الكنيست (عوديت سليمان) وتجميد القائمة العربية الجنوبية الموحدة برئاسة منصور عباس، لثقتها التي منحتها للحكومة إبان التصويت عليها. رغم تقدير الكثيرين بأن القائمة العربية الموحدة لم تأخذ موقفًا جديًّا حتى الآن من حكومة (نفتالي بينيت+يائير لبيد)، وما زالت تقوم بـ(اللعب)، وممارسة تكتيكها الخاص، الذي لا يجدي نفعًا من وجهة نظر القائمة العربية المشتركة ورئيسها أيمن عودة، ومعظم الفعاليات السياسية العربية الفلسطينية، وفي هذا الوقت بالذات مع اشتعال الأوضاع في القدس والأقصى والمحيط بالمدينة وعموم الأرض المحتلة عام 1967 وحتى في الداخل المحتل عام 1948.
حقيقة، وبعد انشقاق عضو الكنيست عن حزب "يمينا"، عيديت سيلمان، بات الائتلاف الحكومي أقل من العدد الكافي لترجيح ونيل ثقة الكنيست، وفي حال انشقاق عضو كنيست آخر عن الائتلاف، فإنه الائتلاف الحكومي القائم حاليًّا سيصبح، مدعومًا من أقلية في الكنيست مما يضعه أمام احتمالات التفكك والانهيار، وبالتالي التوجُّه نحو انتخابات تشريعية جديدة، تُلخص حالة الاضطراب السياسي في "إسرائيل".
وهناك عدد من الساسة "الإسرائيليين"، ومنهم زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، من يقدِّر أن ثمة احتمالًا كبيرًا لأن يُعلن عضو كنيست آخر في صفوف الائتلاف عن انشقاقه عن تكتل ائتلاف (بنيت+لبيد)، حسبما نقلت عنه صحيفة "يسرائيل هيوم" يوم، الأحد 23/4/2022. ونقلت الصحيفة ذاتها، ومعها بعض المصادر "الإسرائيلية" عن رئيس كتلة الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، قوله إنه "يفترض أن يصدر بيان في وقتٍ لاحق، سيزلزل الائتلاف وسيفقدون التوازن الحالي لديهم في الكنيست".
ويبدو بأن حل الكنيست والعودة لصندوق الاقتراع لإجراء انتخابات برلمانية جديدة، بات وكأنه خيارًا لا بُدَّ منه في المرحلة التالية، في ظل استمرار الأزمة السياسية في "إسرائيل" واحتمال سقوط حكومة نفتالي بينيت، ومحاولاته للبقاء في المنصب كرئيس حكومة انتقالية، إذ ينص الاتفاق الائتلافي على أنه في حال سقوط الحكومة والتوجُّه إلى انتخابات عامة، فإن الشريك الائتلافي يائير ـ لبيد سيتولى رئاسة الحكومة الانتقالية، إلى حين تشكيل حكومة جديدة وهو أمر يُمكن أن يستغرق وقتًا ليس بالقصير.
إن كل ذلك يجري في "إسرائيل" في وقتٍ تتعالى فيه المناكفات والصراع على الكعكة (وليس الخلافات الجوهرية) بين رؤساء الأحزاب التي تُشكّل ائتلاف حكومة (نفتالي بينيت+يائير لابيد). فضلًا عن المناكفات بين الحكومة بشخص رئيسها نفتالي بينيت وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، حيث اتهم بينيت نتنياهو بأنه "هو الذي أطلق سراح زعيم حركة حماس في القطاع يحيى السنوار"، مضيفًا: "خلافًا لسياسة... الحكومة السابقة، تحملنا المسؤولية التي زرع كوارثها نتنياهو"، على حدِّ قوله (أي قول نفتالي بينيت).
وفي سياق المناكفات إياها، وكما أشارت الصحافة "الإسرائيلية"، وموقع (عرب 48)، فقد أخرج رئيس الحكومة نفتالي بينيت، عضو الكنيست المنشقة عن الائتلاف، عيديت سيلمان، من اجتماع كتلة حزب "يمينا" في الكنيست ـ وهي من أعضاء قيادات الحزب أصلًا ـ إثر رفضها التعهد بأنها ستؤيد إعادة تعيين عضو الكنيست عن الحزب، متان كهانا، وزيرا للأديان، والذي وافقت الحكومة على إعادة تعيينه لشغل المنصب، بعد إخراج سيلمان بوقت وجيز.
ومن بين المناكفات أيضًا (مناكفات على الكعكة وليس الخلافات هنا) ما جرى حول إجراء تعديل على ما يُسمى بـ"قانون القومية العنصري"، دعا إليه رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" ووزير المالية، اليهودي المولدافي الأصل أفيجدور ليبرمان. إلا أن وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، أعلنت أنها "تنصح أعضاء الائتلاف بالتوقف عن التسلية بالتفكير في إجراء تعديلات ليس متفقًا حولها في قوانين أساس". كذلك رفض رئيس حزب "تيكفاحداشا" ووزير القضاء، جدعون ساعر، إجراء تعديل على "قانون القومية". واعتبر أن "إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية" (تصوروا... دولة يهودية... وديمقراطية... و22% من مواطنيها عرب من أصحاب الوطن الأصليين....!؟).
وبالنتيجة، فإن الاحتمالات تُرجِّح العودة لصندوق الاقتراع، لإنجاز انتخابات كنيست (تشريعية) جديدة، تقود لحكومة ائتلافية، ورغم أن إنجاز العملية الانتخابية مُكلفة ماديًّا. وستكون تلك الانتخابات هي الخامسة خلال أقل من ثلاث سنوات متتالية.