استطاعت السَّلطنة بفضل الرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ تجاوز الأزمات الاقتصادية المُتوالية، والمُتمثِّلة في انخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية المترتبة على تفشِّي جائحة “كوفيد19” في السَّلطنة والعالم، وهي أزمات تأثَّرت بها أكبر وأعتى الاقتصادات في المعمورة، لكنَّ الرؤية السَّامية استبقت الآثار العَرَضية، وعملت بحُسن تخطيط شهدت به كافَّة المؤسَّسات الاقتصادية المتخصِّصة في العالم أجمع، حيث عملت البلاد وفق خطط مُحْكمة وازنت بَيْنَ ترشيد الإنفاق كغاية كبرى، وبَيْنَ مراعاة الأبعاد الاجتماعية لتلك الأزمات، بالإضافة إلى وضع حدٍّ لِتَنامي الدَّين، والسَّعي إلى تخفيضه، مع ضخِّ السيولة السُّوقية، والصَّرف على المشاريع الإنمائية ذات الأولوية، والمرتبطة بالأساس بتطبيق رؤية 2040، التي ستنقل البلاد نَحْوَ تحقيق تنمية مستدامة شاملة، قائمة على التنويع، تسعى لتحقيق قيمة مضافة، يكون لها تأثير إيجابي على الميزان التجاري للبلاد.
ولعلَّ التخطيط الجيِّد كان هو البوَّابة الرئيسة للوصول لنقطة التعافي الاقتصادي، التي سعت إليها البلاد لِتَكُونَ مرتكزًا للانطلاق نَحْوَ الأهداف والطموحات المرجوَّة، حيث أكَّدت المؤشِّرات المالية للرُّبع الأوَّل من العام الجاري تعافي الاقتصاد الوطني بعد أنْ حققت الموازنة العامَّة للدولة فائضًا ماليًّا تجاوز 300 مليون ريال عُماني، ما يؤكِّد على تعافي الاقتصاد الوطني، ويعكس الجهود والإجراءات الحكومية المبذولة في هذا الاتِّجاه، مدعومةً بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ويعكس الجهود والإجراءات التي تنتهجها الحكومة لضمان استدامة الأوضاع المالية والاقتصادية مدعومًا باستقرار متوسط أسعار النفط العالمية، فالمؤشِّرات الاقتصادية والمالية للأداء الاقتصادي مطمئنة جدًّا، ويشير تحسُّن الأداء المالي إلى أنَّ الاقتصاد العُماني اقتصاد متعافٍ.
إنَّ هذا التحسُّن الذي أشاد به عددٌ من الخبراء والمؤسَّسات الاقتصادية الكبرى، سيُسهم في تحسُّن الأداء المالي في تسريع إعادة زخم النُّمو الاقتصادي وتسريع وتيرة نُمو الأنشطة الاقتصادية، كما ذكرنا سابقًا، كما يُعدُّ هذا التعافي شهادةَ ثِقةٍ في قدرة البلاد على التخطيط المالي والاقتصادي، والتعامل الإيجابي مع الظروف والمتغيِّرات العالمية المختلفة، سواء تلك المتعلِّقة بالمتغيِّرات المختلفة في أسواق الطاقة أو بمنظومات سلاسل الإمداد والتوريد العالمية، وهو ما سيُسهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب والمحلِّيين، وسيجلب المزيد من رؤوس الأمول المستثمرة داخل البلاد، كما سيتمُّ استغلال وتوجيه الفائض المالي لتحفيز النُّمو الاقتصادي من خلال تعزيز الإنفاق على المشروعات الإنمائية ذات الأولوية بما يخدم البُعدَيْنِ الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك خفض مستوى المديونية العامَّة، ليتحقق التعافي الكامل للمنظومة الاقتصادية العُمانية.
‏إنَّ تلك المؤشرات الإيجابية تؤكِّد أنَّ فُرص التعافي الاقتصادي الشامل أصبحت أفضل، وخصوصًا للقطاعات الأكثر تأثرًا بالجائحة، وعلى الجانب الآخر فإنَّ تحقيق الميزانية العامَّة للدولة فائضًا ماليًّا بنهاية الرُّبع الأول من عام 2022م بنَحْوِ 357 مليون ريال عُماني، مقارنة بتسجيل عَجْزٍ مالي بلغ 751 مليون ريال عُماني في نفس الفترة من عام 2021م يساعد بشكْلٍ مباشر في ضخِّ السُّيولة لدعم القطاع الخاصِّ وإنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية، حيث قامت وزارة المالية خلال الرُّبع الأوَّل من العام بتسديد نَحْوِ 146.4 مليون ريال عُماني مستحقَّات مدفوعة للقطاع الخاصِّ، وهو ما سيدفع العجلة الاقتصادية للدَّوران مجددًا، وستكون المؤسَّسات الصَّغيرة والمتوسِّطة هي المستفيد الأبرز من تلك الانتعاشة، التي ستُمكِّن ـ بحسب الخبراء ـ راسمي السياسة الاقتصادية من التحرُّك بَيْنَ خيارات أكثر توسعًا في سبيل تطوير البنية الاقتصادية الأساسية اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاصِّ، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، وتهيئة البيئة الأمثل لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر استثمارًا للمكتسب الاقتصادي المُتحقِّق والتوقُّعات المالية الجيِّدة، والذي ينصبُّ في تحقيق أهداف وطموحات رؤية عُمان 2040.