مدعومة بارتفاع أسعار النفط فـي الأسواق العالمية

مسقط ـ العمانية:
أكدت المؤشرات المالية للربع الأول من العام الجاري تعافي الاقتصاد الوطني بعد أن حققت الموازنة العامة للدولة فائضا ماليا تجاوز 300 مليون ريال عماني.
وأكد مسؤولون وخبراء استطلعت وكالة الأنباء العمانية آراءهم أن تحسن الأداء المالي خلال الربع الأول من العام الجاري يؤكد على تعافي الاقتصاد الوطني، ويعكس الجهود والإجراءات الحكومية المبذولة في هذا الاتجاه، مدعومةً بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
‏وقال سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد إن تحسن الأداء المالي للسلطنة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، يعكس الجهود والإجراءات التي تنتهجها الحكومة لضمان استدامة الأوضاع المالية والاقتصادية مدعومًا باستقرار متوسط أسعار النفط العالمية، مضيفًا أنه سيتم استغلال وتوجيه الفائض المالي لتحفيز النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الإنفاق على المشروعات الإنمائية ذات الأولوية بما يخدم البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك خفض مستوى المديونية العامة.
وأوضح سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العمانية أن المؤشرات الاقتصادية والمالية للأداء الاقتصادي مطمئنة جدا، ويشير تحسن الأداء المالي للسلطنة إلى أن الاقتصاد العُماني اقتصاد راسخ، وسوف يساهم تحسن الأداء المالي في تسريع إعادة زخم النمو الاقتصادي وتسريع وتيرة نمو الأنشطة الاقتصادية.مشيرا إلى أن المؤشرات المالية والاقتصادية للربع الأول لهذا العام تعكس قدرة منظومة التخطيط المالي والاقتصادي في التعامل الإيجابي مع الظروف والمتغيرات العالمية المختلفة، سواء تلك المتعلقة بالمتغيرات المختلفة في أسواق الطاقة أو بمنظومات سلاسل الإمداد والتوريد العالمية.
‏وقال سعادته إن استمرار تحسن الأداء المالي وتسجيل فائض في الميزانية العامة للدولة خلال الربع الأول من العام الحالي، هو عامل إيجابي ومهم جدا لضمان تحقيق خطة التوازن المالي المتوسطة المدى للفترة 2020-2024م وخصوصًا في توجيه تلك الفوائض المحققة في سبيل خفض مستويات الدين العام وتحفيز التعافي الاقتصادي وزيادة الإنفاق على المشروعات الإنمائية ذات الأولوية.
وأكد سعادته أن فرص التعافي الاقتصادي الشامل أصبحت أفضل وخاصة للقطاعات الأكثر تأثرًا بالجائحة، وعلى الجانب الآخر فإن تحقيق الميزانية العامة للدولة فائضًا ماليًا بنهاية الربع الأول من عام 2022م بنحو 357 مليون ريال عُماني، مقارنة بتسجيل عجز مالي بلغ 751 مليون ريال عُماني في نفس الفترة من عام 2021م يساعد بشكل مباشر في ضخ السيولة لدعم القطاع الخاص وإنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية، حيث قامت وزارة المالية خلال الربع الأول من العام بتسديد نحو 146.4 مليون ريال عُماني مستحقات مدفوعة للقطاع الخاص.
وأشار سعادته إلى أنه على المدى القصير سيتمكن راسمو السياسة الاقتصادية من التحرك بين خيارات أكثر توسعًا في سبيل تطوير البنية الاقتصادية الأساسية اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى، وتهيئة البيئة الأمثل لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر استثمارًا للمكتسب الاقتصادي المتحقق والتوقعات المالية الجيدة.
وبين سعادته أن ارتفاع المصروفات الاستثمارية بنحو 131 بالمائة خلال الربع الأول من العام الجاري لتبلغ نحو 150 مليون ريال عُماني، مقارنة مع الربع الأول من العام الماضي يسهم مباشرة في تعزيز الأنشطة الإنتاجية ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للمواطنين، مشيرا إلى أن تحسن الأداء وتسجيل فائض مالي أسهم أيضًا في تيسير الإنفاق الجاري للوزارات والوحدات المدنية وإلى تخفيف عبء خدمة الدين العام، حيث تم الإنفاق على بند سداد فوائد القروض نحو291 مليون ريال عُماني وتخصيص 50 مليون ريال عُماني لبند مخصص لسداد الديون.
‏واسترسل سعادة وكيل وزارة الاقتصاد: ساعد مستوى أسعار النفط الحالية وزيادة الإنتاج في السلطنة في سرعة التعافي الاقتصادي، حيث بلغ متوسط الإنتاج مليونا و25 ألف برميل يوميًا في الربع الأول من العام الحالي وهو ما سيدعم معدلات نمو القطاع النفطي، حيث تشير أحدث تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5.6 بالمائة في العام الجاري مدعوما بنمو القطاع النفطي والقطاع غير النفطي بنحو 8 بالمائة و2 بالمائة، على التوالي، وهذه أعلى نسبة نمو متوقعة بين دول مجلس التعاون.
ولفت سعادته إلى أن وزارة الاقتصاد ترصد بشكل مستمر تداعيات الوضع العالمي وتأثيراته الاقتصادية، كما تراقب التغير في أسواق الطاقة والتوقعات التي تصاحب هذا التغير، وتهدف في المقام الأساس لاتخاذ خيارات سياسة اقتصادية توسعية ومرنة قادرة على التعاطي مع هذه المتغيرات ومركزة بالدرجة الأولى على حفز النمو في قطاعات التنويع الاقتصادي بوصف هذا التنويع ضامنًا لاستقرار واستمرار النمو الاقتصادي وتخفيف حدة المخاطر الاقتصادية المتوقعة.
‏وذكر سعادته أن التحسن الملحوظ في الأداء المالي والإجراءات المتعددة التي اتخذتها السلطنة لتحسين بيئة الأعمال قد دفعت بمؤسسات التصنيف الائتماني العالمية مثل مؤسسة ستاندرد أند بورز (S&P) ومؤسسة موديز (Moody’s) إلى تحسين نظرتها المستقبلية للسلطنة، وهو عامل إيجابي يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مشيرًا إلى أن الحكومة ستستمر في نهجها الإصلاحي للمالية العامة، وكذلك جهودها في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص ليقود قاطرة النمو الاقتصادي.
وأكد سعادة الدكتور أن اقتصاد السلطنة يقوم على قاعدة صلبة باتجاه تخطي التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا (كوفيد-19) ويسجل نموا اقتصاديا ملحوظا ويواصل مسيرة البناء والتنمية التي يقودها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ـ للمضي قدما نحو مستقبل أفضل.
من جهته قال الدكتور خالد بن سعيد العامري رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العُمانية إن المؤشرات الايجابية التي حققتها الميزانية العامة للسلطنة بالربع الأول من العام الحالي تعود بشكل رئيس لنمو صافي إيرادات النفط إلى 1.56 مليار ريال وبنسبة 70.2 بالمائة، وارتفاع متوسط سعر النفط المحقق إلى 78 دولار للبرميل، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، موضحًا أن ارتفاع الإيرادات وضبط الصرف أدى إلى تسجيل فائض مالي قدر بـ 357 مليون ريال.
وأضاف: إن تحقيق فائض مالي في الميزانية العامة للدولة يعد مؤشرًا ايجابيًا، ويضع السلطنة في موقف جيد لتقنين أو حصر الدين العام للدولة، ويساهم في دفع مديونية الدولة من خلال بند خدمة الدين العام في الميزانية المخصص لسداد فوائد القروض، إضافة إلى أن السلطنة لن تضطر لأخذ قروض لتسديد عجزها في الموازنة.
وأشار إلى أن تحسن المؤشرات المالية وانخفاض مخاطر الدين العام مع تحقيق فوائض مالية ينعكس ايجابًا على التصنيف الائتماني للسلطنة من قبل الوكالات التصنيف الائتماني، مردفًا إن وكالات «فيتش» و«موديز» و«ستاندرد آند بورز» عدلت من نظرتها المستقبلية لتصنيف السلطنة الإنمائي، الأمر الذي يسهم في تقليل تكلفة الدين العام، من خلال إمكانية إعادة التفاوض مع المقرضين لأخذ قروض بفوائد أقل واستخدامها في دفع الدين العام.
وأوضح الدكتور خالد العامري أن سداد أكثر من 146 مليون ريال كمستحقات للقطاع الخاص بنهاية الربع الأول من العام الجاري، يعطي دفعة قوية لسيولة في السوق بشكل خاص والدورة الاقتصادية بشكل عام، مؤكدًا على أن توجيه الفائض المالي لتحفيز التعافي الاقتصادي، وزيادة الإنفاق على المشروعات الإنمائية ذات الأولوية وخفض المديونية وإدارة مخاطرها، يدفع بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية وسوق المال إلى الانتعاش.
من ناحيته أوضح مصطفى أحمد سلمان الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للأوراق المالية أن الموازنة حققت نتائج إيجابية للربع الأول مدفوعة بتحسن أسعار النفط والغاز، وأن هذا الأداء سيعكس بشكل مباشر على النظرة العامة المستقبلية الإيجابية للاقتصاد العام. مشيرا إلى أن السلطنة تعمل على تخفيض الدين العام وإعادة هيكلة الديون، وسيكون له تأثير على تحسين التصنيف الائتماني في الأسواق العالمية، والذي سيخفض تكلفة الدين وإعادة هيكلة القروض، وسيكون عامل جذب رئيس لاستقطاب المستثمرين الأجانب.
وأكد على إن التحسن الاقتصادي سينعكس بشكل إيجابي على مستوى الثقة بالأسواق المحلية وببورصة مسقط، وحيث إن تقييمات الشركات المحلية تتراوح عند مستويات مغرية، لذا فإن قوة العوامل العامة سيكون لها دور في إقناع المستثمرين باستقرار العوامل المحيطة، وبالتالي سيُظهر قيمة وجودة الشركات المدرجة في البورصة. وأوضح أن هذا التحسن الاقتصادي سيكون له تأثير مباشر على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وسيرتفع الإنفاق الاجتماعي، إضافة للإنفاق الإضافي للتنمية العامة وخاصة على البنية الأساسية.