[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. لم يجد الفلسطينيون بدا سوى التوجه الى المؤسسات الدولية للضغط على إسرائيل واللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية وهو الأمر الذي تلقفته الأخيرة بفتح تحقيق أولي في جرائم الحرب الاسرائيلية وهي الخطوة التي تسبق البدء في التحقيق الأمر الذي أثار ذعرا اسرائيليا مع اعلان الاحتلال عزمه عدم التعاون مع المحكمة...”
ـــــــــــــــــــــــــــــ

حينما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إنه لا يوجد أي فرق بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وبين ارهابيي "داعش" من حيث عمليات القتل لم يكن ذلك من قبيل الاستهلاك الاعلامي أو المكايدات السياسية بعيد فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار يضع سقفا زمنيا للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين .. بل كان التصريح فيما يبدو نابعا من قراءة ليست تاريخية لظهور اسرائيل بل معاصرة نابعة من مشاركة ووقوف على عمليات التفاوض مع الجانب الاسرائيلي الذي يسوق ما يسمى (يهودية اسرائيل) في كل مرحلة من مراحل التفاوض.
فالحكومة الاسرائيلية الحالية وعلى حد وصف الاسرائيليين أنفسهم تصنف بأنها "أكثر حكومة متشددة فى تاريخ إسرائيل" بل ان تشددها يفوق تشدد حكومات مناحم بيجن أو أرييل شارون.
ونتنياهو هو عراب الدفاع المستميت عن ما يسمى "يهودية اسرائيل" في تزامن بالتأكيد لم يأت صدفة مع مساعي ارهابيي ما يسمى داعش باعلان دولة الخلافة المزعومة.
فالعقبة الأولى أمام تقدم أي مفاوضات خاصة الجولة الأخيرة التي كانت برعاية أميركية ووضعت فيها ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كل ثقلها كانت (يهودية الدولة) وهو ما انتبه اليه الفلسطينيون وجعلهم موقنين أن الاستمرار بالمفاوضات بشكلها الحالي ما هو الا عبث وضياع للوقت حيث إن الجانب الاسرائيلي خاصة في وجود حكومة تعد الأكثر تشددا لن تترك شرط يهودية اسرائيل في أي تسوية كما أن الفلسطينيين لن يقبلوا تطبيق هذه المزاعم بأي حال من الأحوال.
هذا اليقين دفع الفلسطينيين الى التوجه الى الأمم المتحدة وهي الخطوة التي صاحبها فشل فلسطيني حينما لم يستطيعوا تأمين الأصوات الـ9 اللازمة لتمرير القرار ما رفع الحرج عن الولايات المتحدة التي كانت حتما ستستخدم حق النقض (الفيتو) لاجهاض مشروع القرار القاضي بتحديد سقف زمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي بحلول العام 2017.
ولم يجد الفلسطينيون بدا سوى التوجه الى المؤسسات الدولية للضغط على إسرائيل واللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية وهو الأمر الذي تلقفته الأخيرة بفتح تحقيق أولي في جرائم الحرب الاسرائيلية وهي الخطوة التي تسبق البدء في التحقيق الأمر الذي أثار ذعرا اسرائيليا مع اعلان الاحتلال عزمه عدم التعاون مع المحكمة فيما أشار التلفزيون الاسرائيلي الى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سارع بالاستنجاد بوزير خارجية اميركا جون كيري لوقف التحقيق في الجنايات الدولية.
وهذا الذعر الاسرائيلي مرده أن الخطوة الفلسطينية بالتوجه الى مجلس الأمن حتى وان فشلت في جولتها الأولى ومن بعدها التوجه للمنظمات الدولية يخرج ادارة الصراع للمرة الأولى من أيدي الجانب الاسرائيلي ومن ورائه الأميركي بعد أن كانت أوراق المبادرة على مدار سنوات التفاوض التي تعاقب عليها رئيسان فلسطينيان وعدة ادارات وحكومات أميركي واسرائيلية كلها في يد أميركا واسرائيل عن طريق الدعوة للمفاوضات وتحديد نقاطها ومن ثم نسفها.
فحينما تكون أوراق المبادرة في يد الاسرائيلي يسهل عليه المراوغة حول النقطة الأساسية التي يريد انتزاعها من الفلسطينيين وهي الاعتراف بـ(يهودية اسرائيل).
واليهودية المزعومة لاسرائيل ان كان ضررها الواضح ينصب على القضية الفلسطينية من حيث انها ستقضي على حق عودة اللاجئين وستعزز من عنصرية اسرائيل الا ان خطرها الأكبر ينسحب على المنطقة بأكملها حيث إنها ستقوي من شوكة التطرف وتدخل المنطقة في أتون حروب دينية تعود بها الى ما قبل العصور الوسطى الأمر الذي يستدعي الوقوف الى جانب الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى.