وليد الزبيدي:
ثمة أكاذيب أميركية مهَّدت لغزو العراق واحتلاله يعرفها الجميع، أو بالأحرى تعرف عليها العالم بعد جريمة الاحتلال بأسابيع وأشهر. لكن ثمة أكاذيب أخرى لا يعرف عنها الكثيرون وتحديدا العراقيين، وبعد مرور ما يقرب من عقدين من زمن الغزو نعتقد بأن هناك ضرورة للتذكير بكذب هؤلاء "الذين يراهم البعض" بأنهم عمالقة وصادقون.
بينما كان الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش قد ألقى النظرة الأخيرة على خطابه الشهير "خطاب الانتصار" الذي ألقاه في الأول من مايو في العام 2003، فقد أطلق أحد أركان الحرب في البيت الأبيض تصريحا زاخرا بالكذب، قال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي حينذاك، بتاريخ (30/4/2003) "كل يوم يمر تتحسن فيها الأوضاع في العراق، وأصبح لدى العراقيين غذاء ومياه وكهرباء أكثر مما كان لديهم في ظل النظام القديم، ونعمل جاهدين ليلا ونهارا لتوفير ذلك لجميع العراقيين، وقال مخاطبا العراقيين، أنا دون رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي، تسعدني زيارة بلدكم العراق لأشهد تحرركم، الشعب الأميركي يشارككم فرحتكم"، وأطلق رامسفيلد مجموعة من الوعود، أهمها، اشتراكنا في هدف واحد في الإطاحة بصدام حسين، ولدينا أهداف مشتركة فيما يتعلق بالعراق الجديد، هي بلد حر يستجيب فيه زعماء العراق للشعب العراقي بدلا من أن يقتلوه، تستخدم فيه ثروة البلاد لصالح الشعب العراقي بدلا من أن تذهب إلى الطاغية، يمكن لأطفال العراق أن يلعبوا ويستذكروا دروسهم ويكبروا دون خوف من أن تقبض فرق الإعدام عليهم أو على آبائهم فجأة. واختتم رامسفيلد كلمته بقوله (في وطني أميركا، لدي ثلاثة أبناء وستة أحفاد أصغرهم يبلغ عاما واحدا من العمر. أريد لهم ما يريده كل واحد منكم لأبنائه وأحفاده، وهو الأمان والأمن ومجتمع عادل يتمتعون فيه بالحرية في سعيهم لتحقيق أحلامهم، وقال (سنبقى فقط للفترة المطلوبة لمساعدتكم على القيام بذلك، ولن نبقى يوما واحدا أكثر).
واستنادا إلى أسلوب الباحثين والأدباء، فإننا نريد أن نحاكم النص الذي جاء على لسان المسؤول الأميركي، ونسقط فقراته وكل ما ورد في عباراته على أطفال العراق، وهذا يشمل الشريحة التي تراوحت أعمارهم في ذلك الوقت بين سنة وعشر سنوات، وأصبحت أعمارهم الآن بين عشرين وثلاثين سنة، وفي حال جلبنا ما قاله رامسفيلد ووضعناه في صيغة استبانة أمام هؤلاء من العراقيين، كيف سيكون ردُّ فعلهم؟ وكيف يقرأون الواقع الخطير والمآسي الكبيرة والزوابع والرعد والدمار والدماء والخراب والفساد والتخريب وغيرها الكثير؟
ليس هذا وحده، وثمة الكثير من الأكاذيب والخداع الذي حاول الأميركيون في البيت الأبيض تسويقه داخل أميركا وخارجها، ويعتقد هؤلاء أن الذاكرة العراقية تخلت عن كل ما ذكروه من خداع وأكاذيب، لكن واجبنا يحتم علينا تذكير الأجيال بالأكاذيب التي ترقى إلى مستوى الجرائم الكثيرة والبشعة التي ارتكبوها بحق العراقيين.