بالتعاون مع 19 بعثة أثرية

مسقط -العُمانية:
كشفت وزارة التراث والسياحة عن نتائج المسوحات والتنقيبات الأثرية لموسم 2021/ 2022م الذي شمل مختلف محافظات وولايات السلطنة بالتعاون مع 19 بعثة أثرية من جامعات ومؤسسات علمية محلية ودولية، وقد قامت البعثات الأثرية بتنفيذ مسوحات وتنقيبات لمواقع أثرية تعود إلى فترات زمنية مختلفة إلى جانب ذلك تم استضافة عدد من الخبراء والمختصين لدراسة القطع الأثرية المختلفة من المعادن والفخاريات والعظام البشرية والحيوانية.
وأثمرت نتائج المسوحات والتنقيبات عن الكشف عن المزيد من المعلومات الخاصة بالحضارات السابقة من التركيبة السكانية والحياة الاجتماعية إضافة إلى الجوانب الاقتصادية التي كانت قائمة ومنتشرة منذ القدم. ويأخذ التعاون مع البعثات العلمية أبعادًا علمية وتخصصية تمكن الوزارة من تنفيذ برامجها في المجالات الآثارية المختلفة، وفيما يأتي عرض لنتائج البعثات الأثرية لهذا الموسم: قامت الوزارة بالتعاون مع بعثة إيطالية من جامعة روما بمواصلة التنقيبات الأثرية في موقع دبا وشملت إجراء دراسات على المكتشفات الأثرية تنوعت ما بين الأواني الفخارية والحجرية والبرونزية والسيوف والسهام، بالإضافة إلى دراسة عظام رفات الموتى ودفنت في قبر جماعي يصل طوله إلى 14 مترًا، وعرضه 3.50 متر. وتم الانتهاء كليًّا في هذا الموسم من عملية التنقيب في موقع دبا الأثري وأكمل ستة مواسم من العمل الأثري.
وواصلت وزارة التراث والسياحة أعمال التنقيب في موقع قميرا بالتعاون مع بعثة بولندية للموسم السادس في ثلاث مستوطنات بالقرب من عين بني ساعدة، تعود للفترة الممتدة بين أم النار والعصر الحديدي، ومن الاكتشافات التي تم اكتشافها في الموقع، لعبة عبارة عن لوح حجري نادر، وهو لوح مشابه للعبة المنقلة أو كما يسمى محليًّا بالحواليس ويرجع تاريخه إلى الألف الثالثة قبل الميلاد وتم اكتشافه في إحدى غرف الموقع الأثري.
وقامت الوزارة بالتعاون مع بعثة تشيكية من معهد علم الآثار التابع لأكاديمية العلوم التشيكية بأعمال توثيق ودراسة عددٍ من شواهد الأحجار الثلاثية في موقع الدقم بمحافظة الوسطى، بالإضافة إلى المقابر والروابي الصدفية العائدة إلى العصر الحديدي، وتمت دراسة وتوثيق شواهد الأحجار الثلاثية (وادي نافون ووادي صاي) تعود لنهاية العصر الحديدي ويعتقد أن لها علاقة بطرق التجارة القديمة أو استخدمت كعلامات استدلالية لهذه الطرق، وتم جمع عينات فحم من المواقد الموجودة عند شواهد التراث لتأريخها في الدقم ومحافظة الداخلية ومحافظة جنوب الشرقية ومحافظة ظفار.
كما تم تسجيل نقوش الفن الصخري عن طريق التتبع والتوزيع المكاني لجميع النقوش الصخرية في مواقع الفن الصخري في موقع نافون، ووضحت النتائج الأولية في السياق المحلي والإقليمي أوجه التشابه لمواقع الفن الصخري في شمال وسط عُمان وجنوب عُمان.
كما كشفت البعثة الألمانية من جامعة توبنجن بالتعاون مع الوزارة عن مبان حجرية في بلدة الخشبة بولاية المضيبي، وكانت محل اهتمام الدراسات الأثرية التي قامت بها البعثة الألمانية، ومن خلال التنقيبات تبيّن أن هذه المباني الأثرية يعود بناؤها إلى 3100 ق.م، وذلك ما أثبته تحليل كربون 14 على الفحم الذي تم العثور عليه، ويُعتبر هذا الصرح الأثري هو الأقدم بين المباني الأثرية في السّلطنة، ويبلغ قطره الدائري حوالي 24 مترًا، ويحتوي على مرافق مستطيلة الشكل في الجانب الجنوبي من المبنى.
وتم العثور على فرن لصهر النحاس والعديد من الشظايا، وهو ما أشار إلى استخدامات هذا المبنى؛ حيث تأكّد للبعثة بأنه يُستخدم لإنتاج النحاس، ويتم جلبه من المقالع إلى هذا المبنى ليتم صهره وتصفيته وتشكيله على هيئة سبائك، لتسهيل عملية تصديره إلى الحضارات المجاورة.
وتم الكشف عن عدة مواقع أثرية أهمها موقع رأس الجنز (1) ورأس الجنز(2) اللذان يعودان إلى الألف الثالثة والثانية قبل الميلاد ويضم الموقعان مستوطنات بنيت بالطوب اللبن وبالحجارة كما عثرت البعثة على الكثير من المكتشفات الأثرية التي تدل على علاقة الإنسان العُماني القديم مع من حوله، وتكشف المعثورات النحاسية والحجرية وأدوات الزينة والحلي بموقع رأس الجنز عن خبرة الإنسان القديم في فنون عدة، وتكمن أهمية هذا الموقع كونه ميناءً قديمًا ترسو فيه السفن التجارية. وتم التنقيب في هذا الموسم في موقع رأس الجنز (3) الذي يعود إلى فترة العصر البرونزي، واتضح من خلال الأدلة الأثرية أن السكان عاشوا في أكواخ دائرية صغيرة ركزت أعمدتها في طبقة الصخر. ومن المعثورات التي تم العثور عليها في الموقع كسر فخارية محلية الصنع وقطع من أوانٍ حجرية وأصداف.
وكشفت البعثة الفرنسية من جامعة السربون في موقعي سلوت وبسيا بولاية بهلا عن مستوطنات عديدة يمتد تاريخها من الألفية الرابعة إلى الألفية الأولى قبل الميلاد وقد ضمت هذه المستوطنات العديد من الأبراج الضخمة المبنية قواعدها بالحجارة الجيرية الكبيرة بلغ عددها ثمانية أبراج، بنيت على نمط هندسي دقيق، بالإضافة إلى ذلك كشفت البعثة عن أقدم فلج في عُمان يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد وربما يكون أقدم الأفلاج التي عثر عليها في الشرق الأوسط.
وقامت وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع البعثة الأميركية بتنفيذ الدراسات الأثرية في بات من مواقع التراث العالمي الذي تم إدراجه في عام 1988م، وتركزت أعمالها في إجراء مسوحات وتنقيبات أثرية في أبراج ومستوطنات الألف الثالثة قبل الميلاد. وأسفرت الأعمال الأثرية بهذا الموسم عن اكتشافات أثرية جديدة، تضمنت مساكن على طول منحدر يطل على وادٍ يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، كما عثر على مواقد وأفران وبذور قديمة محترقة وهذه التنقيبات ستتيح معرفة النمط الاجتماعي والاقتصادي الذي كان سائدًا في الموقع.
كما قامت البعثة الأميركية من جامعة أوهايو بدراسة التغير المناخي البيئي وتأثيره على نمط حياة الإنسان في ظفار في العصور القديمة. وجمع عينات من النباتات وحبوب اللقاح بالإضافة إلى تنقيبات في مستوطنة تم العثور عليها في منطقة حلقوت.
وتم الكشف بموقع الفليج الأثري بولاية صحم عن مرافق قلعة مربعة محاطة بأبراج ركنية دائرية الشكل. وتم الكشف كذلك عن أفران ومهبة لتصنيع الصاروج ترجع إلى القرن الخامس الميلادي، كما أن الموقع يضم مدافن من الألف الثالثة والألف الأولى قبل الميلاد.
فيما قامت البعثة الفرنسية من جامعة السربون بالتنقيب في موقع الدفة بولاية مصيرة وأظهرت الحفريات طبقة استيطان تضمنت معثورات ترجع إلى العصر الحجري الحديث، كما أن نتائج تحليل العينات أظهرت التغيرات المناخية التي حدثت والبيئة السائدة في تلك الفترة وأثرها على النشاط الإنساني، إضافة إلى الأدوات وأنواع الأسماك التي تم اصطيادها.
وكشفت أعمال التنقيب التي قامت بها البعثة المشتركة في موقع الطيخة بولاية الرستاق عن مستوطنة كبيرة ومتطورة يعود عمرها لأكثر من أربعة آلاف سنة مضت وتضم عددا كبيرا من المباني الضخمة والمدافن. وأظهرت نتائج التنقيب الأثري أن الموقع سكن لأول مرة في الألف الثالثة قبل الميلاد خلال العصر البرونزي المبكر. ويمثل إحدى مستوطنات الألف الثالثة قبل الميلاد التي شهدت ازدهارا كبيرا وواسعا في سلطنة عُمان. ويضم الموقع أبراجًا أثرية ضخمة ومستوطنة، إضافة إلى مدافن من الألف الثالثة قبل الميلاد. وتبلغ مساحة الموقع أكثر من 6 هكتارات.
وفي شأن المسح الأثري لشواطئ محافظة جنوب الشرقية فإنه يعود لبعثة الفرنسية قامت به، ويهدف المشروع إلى تكوين فهم عام لحياة الإنسان في فترة العصر الحجري الحديث، ويعد اكتشاف موقع ناطف من أهم اكتشافات البعثة حيث إنه من أقدم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية ويرجع إلى الألف التاسعة قبل الميلاد ويعكس الموقع من خلال المكتشفات الأثرية جوانب مهمة من حياة مجتمعات الصيد.
وقامت البعثة الفرنسية من المركز الوطني للبحوث العلمية بالتنقيب في موقع العارض الأثري، ويضم أبراجًا ومدافن أثرية تعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتم التنقيب في برج يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد عثر فيه على كسر فخارية متنوعة، كما تم التنقيب في مدفن يعود إلى فترة الألف الرابعة قبل الميلاد، وعثر بداخله على هياكل عظمية وبعض الكسر الفخارية. إضافة إلى ذلك تم العثور على قناة مائية يعتقد بأنها تعود إلى فترات زمنية قديمة حيث تم أخذ بعض العينات وتتم دراستها وتأريخها بشكل أدق.