في الوقت الذي تمضي فيه أبواق التشويه والتحريض ضد الدولة السورية وكافة أجهزتها بما فيها المؤسسة العسكرية، وفي الوقت الذي تعمل فيه بيادق ما يسمى "معارضة الخارج" بالتعاون مع أسيادها لوضع العربة أمام الحصان لعرقلة الحل، تمضي الدولة السورية جيشًا وقيادةً ومؤسسات في القيام بواجباتها الشرعية والقانونية والأخلاقية تجاه الشعب السوري مقدِّمةً المزيد من البراهين والدلائل الواقعية والعملية والموضوعية التي تفند التلفيق والكذب والتدليس والتشويه والتحريض، وتدحض الباطل وتعري الأصيل والوكيل والعميل في المؤامرة.
فنجاح الجيش العربي السوري في توفير خروج آمن لنحو أربعة آلاف مواطن سوري من المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، لا يعد فقط وجهًا مشرقًا ومشرفًا للدور الذي يضطلع به الجيش العربي السوري في الذود عن حياض الدولة السورية والدفاع عن سيادتها واستقلالها وحماية شعبها، وإنما يعد ردًّا قويًّا وعمليًّا على معشر المتآمرين وأبواقهم الإعلامية التي ما فتئت تستمرئ التحريض والتشويه وتأييد الإرهاب والدفاع عنه وعن عصاباته الإجرامية.
ولذلك وفيما كانت مشاهد خروج المواطنين السوريين المحاصرين تنقل حيًّا على الهواء في القنوات الفضائية المحايدة والرافضة للإرهاب والعدوان والتآمر وانتهاك سيادة الدول وحقوق الشعوب، كانت القنوات الفضائية المحسوبة على معسكر التآمر والعدوان تمارس تغطيتها المقاسة والمعدة وفق الفكر التآمري والعدواني المريض والحاقد، مُغيِّبةً أو بالأحرى رافضةً حتى مجرد التعريج على ذكر تحرر هؤلاء المواطنين السوريين من ربقة الإرهاب وعصاباته التابعة لمعشر التآمر والعدوان وإعلامه. والهدف من ذلك واضح حتى لا تؤخذ هذه المشاهد دليلًا وحجةً على قنوات الفتنة والتآمر والعدوان، بما يؤدي إلى حدوث خلل في عملية التزييف والفبركة والتدليس وتغييب الوعي للمتابعين الماضية منذ بداية المؤامرة. فالروايات المأساوية التي أخذت ترويها تلك النسوة جراء المعاملات الوحشية والانتهاكات ضد الإنسانية من قبل العصابات المدعومة من معشر المتآمرين لا تدمي العين والقلب فحسب، بل تكشف مستوى الوحشية والنفاق والكذب الذي يسوقه المتآمرون وعملاؤهم وأدواتهم عن أن إرهابهم وتآمرهم هو موجَّهٌ من أجل مساعدة الشعب السوري، فكم هي مؤلمة رواية إحدى النساء المحررات عن أنها هي وزوجها وأبناؤها كانوا في رخاء من العيش يحصلون قوت يومهم من مزرعتهم التي بها الأغنام والأبقار ينتفعون مما زرعته أيديهم ودرته مواشيهم من حليب، فجاء الإرهابيون الله لا يوفقهم ـ حسب نص كلامها ـ وقتلوا زوجها وهو في مزرعته واستولوا على المواشي، وبعد ذلك أخذت تقاوم الموت البطيء هي وأبناؤها وتهدهد رضيعها من شدة بكائه وطلبه للحليب بما بقي لديها من شعير. وغيرها من الروايات الصادمة التي سردها المحررون من النساء والأطفال والرجال بما لا يدع مجالًا للشك حول ما أُعِدَّ ضد الشعب السوري من مؤامرة إرهابية كونية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إن هذه المصالحات والتسويات لأوضاع المسلحين التي انتهجتها الحكومة السورية والجيش العربي السوري وحدها كفيلة بإعطاء الدليل على أن كل ما يقال ويفبرك ويدلس ضد الحكومة والجيش هو كذب محض لا أساس له، وهذا غاية في الحكمة والعقل في معالجة الأزمات ومعالجة أولئك المغرر بهم والمخدوعين والذين حُوِّلوا إلى معاول هدم وتدمير لبلدهم ورماح تنحر إخوتهم وأشقاءهم ومواطنيهم، وما قبول هؤلاء تصحيح أوضاعهم ورمي سلاحهم والاستفادة من العفو المتكرر من القيادة السورية إلا إدراك منهم لحجم الخطأ والجرم الذي ارتكبوه ضد أنفسهم أولًا وضد وطنهم وإخوتهم، وصحوة منهم بعد التغييب والتزييف الذي غزا عقولهم وأفكارهم.