علي بن سالم الرواحي:
ـ أدب الكف عن الغضب:
قال الله سبحانه:(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران ـ 134).
ومن معاني الكلمات:(والكاظمين): وهم الممسكين ما في نفسهم من الغضب دون أن يخرجوه منها، مع أنه قد ملأ قلوبهم، (الغيظ): الغضب، (والعافين عن الناس): الذين يتجاوزون عن المخطئ منهم، ويتغاضون عنهم بلا عقوبة، وأصل العفو المحو والإزالة، (المحسنين): ينعِمون إلى غيرهم.
ـ التفسير الإجمالي:
تتحدث سورة آل عمران عن توحيد الله سبحانه وتعالى، والرد على شبه النصارى وإقرار العقيدة، كما تتناول أحكام الحج والجهاد.
وفي السياق عن ثلاث صفات، الأولى:(الإنفاق)، والصفتان الأخريان من آداب التي يجب على المؤمن التحلي بها حين يساء إليه، وهما:(كظم الغيظ) أي: حفظ النفس عن تنفيذ الغضب الذي ملأها سبب إساءة أحد إليها، وهو الحلم، وإذا كان له بوادر طيبة فلا يعاب، و(العافين عن الناس) أو الصفح، وهو أكثر من الكظم، لأن الكظم يعني ترك المؤاخذة فقط، أما العفو فيعني أيضًا مسامحة المسيء.
ومَن تحلى بهذه الثلاثة كان محسناً صائناً لنفسه على الوجه الأكمل، فيحبه الله سبحانه وتعالى، والحب من الله لا يكون انفعالاً نفسياً، وإنما إثابة بالحسنى، وإبعاده عن جهنم، ويشمل الإتقان إتقان العبادة وهو أن تعبد الله كأنك تراه، وإتقان التعامل وهو الإنعام إلى الغير، ودفع الشر عنه.
ومن الأحاديث النبوية الشريفة:(لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ)، (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا ـ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ ـ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ)، و(مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ).
* كاتب عماني