تتضمن حوالي أربعين قصيدة

عمّان ـ العمانية: تكشف قصائد الشاعرة العمانية مرهونة المقبالية في مجموعتها (سقيا)، عن إحساس مرهف، وقدرة على الاستبصار والغوص في مكنونات النفس الإنسانية وتأمل جريان الحياة وسننها.
ففي قصيدة بعنوان (حيران) تعاين الشاعرة المشهد حين يجد الإنسان نفسه هائمًا في لجة بحر الحياة، لا استقرار له إلا بالفناء:
(نمضي
إلى شط الفناء كأننا
في كل صبح للنهاية نطمحُ
نتبادل الأوهام
ملء جفوننا
ملء السراب، وملء نبض يجمحُ
كل الذي نبديه
شيء غامض؟!
كل الذي نخفيه غيبًا أوضحُ).
وتتضمن المجموعة حوالي أربعين قصيدة، حملت عناوين ذات دلالات رمزية، تشكّل مفاتيح للولوج إلى عوالم النصوص واستكشاف تضاريسها، ومن هذه العناوين: (نزيف في السراب)، و(حياة حلم)، و(رصاصة)، و(حديث الشاي)، و(ريشة العشاق)، و(نحو الغيم).
وفي عدد من القصائد، يبدو الحزن سيد الموقف، ويتجلى إحساس الذات بالغربة، وتبرز معاناة الإنسان تحت وطأة الضغوط التي لا تنتهي، ومكابداته بسبب الشعور بالضياع وفقدان البوصلة:
(صوت رقيق
كأن الصوت يغرقني
ظننتُ فيه حياة؛ أو ظلال هدى
لمّا تحرَّر
عاد الحزنُ يشعلني
نارًا من الفقد أو خوفًا بي اتّقدا
لا تسأل القلب
كيف الحزن محتشد
فكلّ جندٍ به قد عاد واتّحدا”.
وتَظهر اللغة في قصائد المقبالية شفيفةً، تنطوي على صور شعرية طازجة تخاطب السماء والبحر والنجوم والماء والنار والنور، وتمزج الشاعرة كل ذلك بأفكار عميقة مستعينةً بالرمز. تقول:
(كفّاي باردتان
قلبي موقد
وأنا بهذا الليل ضلعي يسجد
أدركت أنّ الصمت
كالماء الذي
عبر السكون وبالسكون يجدّد).
وتقول في مقطع آخر:
(هل في انحسار الليل
شمسٌ لم تزل
في الوجهة الأخرى تطلّ وتُولَد؟
أم في النجوم
الحاضرات شواهد
عن سرّ هذا الكون، حقًا تشهد).
وتستخدم الشاعرة في العديد من قصائدها صيغة السؤال الاستنكاري، في مسعى لإبراز جماليات الصورة الشعرية من جهة، ولفت انتباه القارئ للمعنى الذي تريد إيصاله. وتكشف هذه التقنية عن رغبة في مخاطبة الروح ومساءلة الذات بمزيج من العفوية والبساطة المدروسة، كأنما القصائد تجسيدٌ لبوح الذات للذات، لذا يشعر القارئ بألفة مع النص، ويبدو كما لو أنه يستكشف ذاته من خلاله:
(إلامَ تنظُر؟
إنّ الدربَ تعرفنا
-مهما اغتربنا- يجيء الغيبُ بالسُّبلِ
بُنَيّ
زَمِّلْ يديكَ الآن من قلقٍ
سيعزفُ العمرُ لحنَ الحبِّ والأملِ).
في هذه المجموعة الصادرة عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع (الآن ناشرون وموزعون)، يجد القارئ نفسه كأنما يعاين وجوده ويختبر مشاعره للمرة الأولى بينما تنسج الشاعرة كلماتها بإتقان:
(أُفضي إلى قلبي
وأربطُ بعضَهُ
يا شَيْن أوجاعٍ تُلامسُ نبضَه
أفرغتُ
في قلبي اليقينَ، فكلّما
ضاعَ الكلامُ، أتى يُلملمُ بعضَهُ
ألقيتُ بالفقدِ الكبيرِ
فلا صدًى
يَرتدُّ أو يُنسِى الغيابَ وخوضَهُ
وأعودُ
للوقتِ الذي يَنتابُنِي
هل كادَ أن يَفنى؛ ويُفني أرضَهُ؟!).