علي بن سالم الرواحي:
قال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة 90 ـ 91).

ومن معاني المفردات:(الخمر) وهو كل مسكر، (الميسر) وهو القمار، وكل لعب فيه مراهنة، و(الأنصاب) وهو: جمع نصب هو كل ما يُنصَب للتقرب به إلى الله بلا شرع، كتماثيل العظماء، (الأزلام): جمع زلم وهو عيدان يقتسمون بها في الجاهلية لمعرفة الخير من الشر، (رجس): المستقذر شرعًا سواء أكان حسّيًا أم معنويًا، (من عمل الشيطان): مما يدعوكم غليه الشيطان، (فاجتنبوا): اتركوا جانبه، وكزونزا في الجانب الآخر، (أن يوقِع): يُحْدِث ويثير، (العداوة): منافاة الإلتئام القلبي، (والبغضاء): هو نفورك عن الشيء نتيجة عدم حبك له، وهو ضد الحب، (فهل أنتم منتهون): كُفُّوا.

* التفسير الإجمالي:

سورة المائدة مدنية، تناولت عن أحكام شرعية كثيرة، كما عالجت بعض قضايا العقيدة، وتناولت بعضاً من قصص أهل الكتاب، ومن ضمن هذه الأحكام تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام التي بها فساد العقل والروح والجسد.

ولئن كان المسلمون ينبغي أن يكونوا كالجسد الواحد، كان الخمر والميسر مما يثير التفرقة بينهم، ويمزق أوتار الصلة ، فالخمر يفقد العقل فعله، ما يؤدي إلى وقوع المخمور فيما هو محظور عقلًا، فيعادي هذا وذاك بأفعاله المجرمة المشينة، وأقواله الفاحشة البذيئة، والميسر لا شك مَن يخسر ويفقد ماله سوف يغضب على الكاسب، لذلك ناقض الخمر والميسر المقصد الديني الرفيع، كما إنهما يصدان عن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، بالتالي يجنبان المؤمن صلاح دينه ودنياه، وما الفرق بين الرجل والكفر إلا تركه للصلاة، ولما نزل قوله سبحانه:(فهل أنتم منتهون)، قال الصحابة: انتهينا يا ربنا.

إن تأديب النفس بكفها عن شرب الخمر سوف يبعدها عن أمهات الخبائث والجرائم، ويريحها من نار العداوات، وبالتالي تسير في درب السلامة منعمة بحياتها، مرفرفة برخائها.

* كاتب عماني