” ان العالم ومن خلال صراعه المحموم على مصادر الطاقة والتى تقدر بحوالي 120مليون برميل يوميا مستقبلا لن يكون قادرا على انتاج اكثر من 89 مليون برميل وتأتي الصاعقة الأخرى وبحلول العام2038 ستعلن معظم الآبار خواءها من المخزون النفطى ليعلن انتهاء عصر النفط والذى بدأ من الآن،”
ــــــــــــــــــــــــ
كمن تهبط عليه ثروة من السماء فإن استغلها سلك طريقه ونجا ومن أهدرها خاب سعيه وفشل.. هكذا ثروة النفط هذا الذهب الأسود الذي كمن في جوف عوالمنا وأكثره الله في بلادنا العربية لينشر علينا مظلة الخير والرخاء ولأنه سلعة استراتيجية استطاع العرب استخدامه كسلاح سياسي لأول مرة في حرب أكتوبر 73 وبتوجيه من العاهل السعودي الراحل الملك فيصل ـ رحمه الله ـ فقد فرضت منظمة أوبك حظرا على الدول الغربية الدعمة لإسرائيل مما ساهم في ارتفاع النفط أربعة أضعاف في أقل من أربعة أشهر ومن هذا اليوم حيكت الخطط والمؤامرات من تلك الدول للتحكم في كل منابع النفط العربية إما بالقواعد العسكرية أو الغزو، كما حدث فى العراق عام 2003 إلى يومنا هذا واستخدامه كسلاح سياسي من قبل أميركا والغرب ضد روسيا وفنزويلا وإيران ومايترتب على هذا الانخفاض السريع والحاد لأسعارالنفط فى انهيار الخطط الاقتصادية لتلك الدول والتي تعتمد وبنسبة كبيرة من مدخولاتها على تلك السلعة وتمتد الكارثة لتطول وتشمل الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية التي تضخ وحدها ربع إنتاج العالم من النفط والتي تخسر وحدها أيضا نحو مليار دولار يوميا وإذا استمر هذا الانخفاض أو استقر على 45 دولارا للبرميل ستصل الخسائر لنحو 400 ملياردولار بنهاية هذ العام، مما سيعيق برامج الإنفاق الحكومي في موازنات 2015 وسيصعب على تلك الدول التصدي لقضايا حيوية مثل الباحثين عن العمل من الشباب أو الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية وقد يدفع إلى استخدام الاحتياطي من فوائض الصناديق السيادية لاستكمال مشاريعها التنموية، ولكن قد تنقلب تلك الفوائض إلى عجز إذا استمر هذا الحال.
وفي المقابل وما ينتج عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط في نقل الثروة من البلدان المنتجة إلى البلدان المستهلكة المتمثلة في الاقتصاديات الكبرى في أميركا والصين واليابان ومنطقة اليورو وتحسن من القدرة الشرائية للمستهلكين لوقود السيارات وزيوتها وسيخفض كثيرا من عبء فواتير الاستيراد للدول المستوردة لخامات النفط مثل مصر والتي تستورد بالأسعار العالمية وتقدمه مدعما لمواطنيها.
إن العالم ومن خلال صراعه المحموم على مصادر الطاقة والتي تقدر بحوالي 120مليون برميل يوميا مستقبلا لن يكون قادرا على إنتاج أكثر من 89 مليون برميل وتأتي الصاعقة الأخرى وبحلول العام2038 ستعلن معظم الآبار خواءها من المخزون النفطى ليعلن انتهاء عصر النفط والذي بدأ من الآن، وكما جاء في تقرير مجلس الاستخبارات القومية الأميركية من توقعات حتى العام 2025، حيث سيعلن انتهاء عصر الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية كالنفط نتيجة ظهور تقنيات جديدة لتوليد الطاقة من المصادر المتجددة وهو مايجعلنا نفسر كم الاستثمارات الضخمة في مصادر الطاقة البديلة مثل الرياح والطاقة الشمسية والمحطات النووية ومن سمة الكون التنوع والتغيير والتجديد ومن الاعتماد الكلي على الفحم الى اكتشاف البترول إلى البحث عن مصادر أخرى ونعم الله لاتحصى إضافة إلى الاختراع الذي إذا طبق سينهي على النفط بالضربة القاضية وهو اختراع السيارة الكهربائية حيث لوحظ أكثر من 60%من استهلاك النفط يعود للمحركات ومنها السيارات وفي حال وصول هذا المنتج إلى المستهلك بشكل تجاري سينتفي الاعتماد على البترول وستنخفض الأسعار لأقل من 10دولارات. إذاً القادم أسوأ للدول التي تعتمد في دخلها على تلك السلعة فقط.
وإذا كان العالم وفي ظل موجات الصقيع والثلوج والبرد القارص استطاع أن يلجم ويتحكم في أسعار النفط بل ويصل الفائض في الإنتاج ما يقرب 2.8مليون برميل يوميا فعلى الدول المصدرة للنفط وخاصة العربية وهذا مايهمنا أن تعيد النظر في سياستها المستقبلية ألف مرة ويحتم عليها تحقيق التنوع الاقتصادي والبعد عن السفه والبذخ وإهدار الثروة على الرواتب والأجور لكبار المسؤولين وترشيد الأنماط الاستهلاكية وإيجاد الحلول والبدائل لتقليل الاعتماد على تلك السلعة ولا مفر من نضوب ثروات باطن الأرض ولا مفر من لجوء البشرية إلى طاقة جديدة ومتجددة ولا مفر أن نتجدد ونستعد للقادم كي لانعود لزمن الأجداد.

فوزي رمضان
كاتب صحفي مصري
[email protected]