[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
لا يختلف اثنان على أن العراقيين تفاجأوا أن دولتهم تعاني من الإفلاس وأنها على حافة الانهيار الاقتصادي ما وضعهم في مأزق من فرط تحذيرات المسؤولين الذين يقترحون لمواجهة الأزمة التي خلفها انهيار أسعار النفط تطبيق إجراءات تحسبية هي بالأحوال كافة ستمس رواتب العاملين بالدولة بحجة الادخار، ومن ثم تخفيضها وصولا إلى سلة الغداء والدواء.
يبدو أن العراق أمام قرارات صعبة تعتزم الحكومة وأطراف في البرلمان اللجوء إليها كخيار لا بد منه لتفادي عاصفة انهيار أسعار النفط.
ومهما حاول بعض المسؤولين والبرلمانيين طمأنة الشريحة المرشحة للاستهداف التقشفي إلا أن الاتجاه السائد لدى عباقرة المستشارين الاقتصاديين تتجه نحو رواتب العاملين بالدولة وربما لاحقا متقاعديها من غير التحسب من مخاطر ارتدادات هذا الإجراء على حاجاتهم ومتطلباتهم الحياتية.
إن ملاحقة السراق والمفسدين ومبددي المال العام والذين استسهلوا الاستحواذ على أموال العراقيين بالنصب والاحتيال تارة وتهريب الأموال إلى خارج العراق تارة أخرى هم من ينبغي أن تستهدفهم إجراءات التقشف من خلال استرداد الأموال والممتلكات المنهوبة على مدى السنوات الماضية، وأي تأخير ومماطلة في ملاحقتهم سيزيد من الأزمة المالية وبالتالي إفقار العراقيين.
إن شد الأحزمة على البطون بإجراءات تقشفية ينبغي أن تشمل مؤسسات السلطة السياسية ومجلس النواب والمؤسسة العسكرية والأمنية والقضائية والهيئات المستقلة وجيش المستشارين والحمايات الوهمية؛ لأنها جميعا تعاني من الترهل والتضخم ومشمولة بالتقشف والترشيق؛ لأن الكثير من أبواب الصرف في العناوين التي أشرنا إليها هي فضائية.
وهذه الإجراءات مجتمعة هي من توقف انحدار العراق إلى الإفلاس وتعالج مكامن الخلل باسترداد الأموال المنهوبة وتقليص الهدر في جوانب أخرى.
وما يعزز ما ذهبنا إليه أن هيئة النزاهة كشفت عن نحو 16320 قضية فساد مالي، متهم فيها وزراء وبرلمانيون وسياسيون قدرت مبالغها بنحو 330 مليار دولار تحولت إلى أرصدة وفنادق ومشاريع في عواصم عربية وعالمية.
إذا الحلول موجودة فلماذا اللجوء إلى خيارات أخرى سيكون المواطن هو المتضرر من إجراءاتها؛ فالتقشف وشد الأحزمة على البطون ينبغي أن تستهدف الطبقة الميسورة المتخمة بالامتيازات وتجار الحروب والأزمات وليس الشريحة التي تعاني منذ سنوات من فشل وإخفاقات هذه الطبقة وتحملت الكثير من جراء غياب حلول تحافظ على المال العام وتكرسه لسعادة العراقيين..