أفلح بن عبدالله الصقري
سُجل في الفترة الماضية وحتى اليوم حالات متزايدة بواقعة الطلاق وبشكل مفزعٍ، فقد زادت الحالات المسجلة لدى دوائر الكُتَّاب بالعدل، وفي إحصائية أُقيمت مؤخرًا فقد بلغت ٩٠٪ تقريبا من حالات الطلاق من الفئة الشابة بعضها بلا إنجاب، فيما نسبة بلغت ٨٥٪ تقريبا تتمركز أسباب الطلاق فيها إلى الجهل بأحكام الزواج والجهل بفلسفة الحقوق الزوجية، وفلسفة حقيقة الحب المزعوم، ولا سبيل لتقليل هذه النسب إلا اللجوء إلى الحصول على رخصة الزواج للجدد ورخصة الطلاق للمتزوجين...
وفي رمضان الماضي فقط من أوله إلى آخره معدل وسط المتصلين من الذكور والإناث في شأن وقوع الطلاق بلغ ما يقارب ٦٠ حالة طلاق كلها في الفئة الشابة، وجلها بسبب الجهل بالأحكام الأُسرية، ومن بينها عدم امتلاك الغضب كما أشار بعض المتابعين، والغضب حقيقة ليس بسبب مستقل، بل داخل في ضمن الجهل بالأحكام الأُسرية.
لذا أرى أن موضوع الطلاق أصبح موضوعًا كبيرًا يصل إلى ظاهرة، كما أنه يؤرق معظم الأُسر والعوائل، ولا سبيل لإيقافه أو التقليل منه إلا بوضع تشريعات وسَنِّ قوانين وتنظيم دورات تدريبية تستهدف فئة الشباب من الجنسين، وتثقيفهم فيما يتعلق بالزواج والطلاق معًا قبل التعاقد وعقد القران، كما أنه يجب على المجتمع أن يكون مسؤولًا عن ذلك من خلال توعية هذه الفئة وإلقاء المحاضرات التوعوية، وتدخل أهل العقد والحل وإصلاح ذات البَين والتنبيه بأن الطلاق هو أبغض الحلال عند الله، فقد يكون الزوجان لا يعيان معنى الارتباط، وأن حياتهما تختلف اختلافًا كليًّا عمَّا كانت عليه قبل الزواج.
كما أن تكوين أُسرة ليس بالسهل، كما يظنه الزوجان. فهناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتقهما، فقد يختلفان فيما بينهما لأسباب بسيطة وغير واضحة تؤدي بهما إلى الطلاق دون وضع حلول ومشاورات داخلية أو استشارات من قبل الأهل أو المجتمع، فنجدهما يلجآن إلى الطلاق، وهو الأمر الذي لا يحبه الطرفان، ولكنْ هناك دائمًا حلول عقلانية توازن بين أصل المشكلة وبين جوهرها انتهاءً بالحل الذي يرضي الطرفين.
كما أن للطلاق أسبابًا أخرى، نذكر منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ عدم وجود الثقة بين الزوجين؛ فترى كليهما يتجنب الآخر ويشك في سلوكه من خلال مراقبة بعضهما البعض، ومما لا ينبغي التطرق فيه وهو الأخلاق؛ فترى الزوج يراقب زوجته على الدوام في كل شاردة وواردة، وكذلك العكس، وهذا مما يؤدي إلى مشاكل ومشاحنات وخروج عن إطار التفاهم والجلوس ومعرفة الخطأ، وترك ما من شأنه التفريق والتباغض، وعدم فتح الطريق للشيطان بالوسوسة وإحداث شرخ في جدار الزوجية، بينما توجد فرصة لفتح صفحة جديدة كل يوم تكون أكثر ثقة وتفاؤلًا بينهما، فالإنسان غير معصوم من الخطأ، فالمشاكل الزوجية موجودة في كل بيت وهي واقعة بين الزوجين، فهناك يوم حلو ويوم آخر مُر، ولكن لا ينتهي الأمر إلى الانفصال.
من هنا نقول إن الارتباط الأُسري لا بُدَّ أن يكون مبنيًّا على الحُب والتفاهم، وأن يكون الخلاف بين الزوجين وحله يكمن في حدود جدران المنزل، على ألا يخرج منه؛ لئلا يتفاقم الوضع. كما أننا نقول بأن لكل خلاف يوجد حل، وهو ألا يصل الخلاف إلى الطلاق الذي قد ينتج عنه لاحقًا ندم وأمور لم تكن في الحُسبان، خصوصًا عندما يكون هناك أطفال بين الزوجين أو حمل للزوجة فتتغير النفسية وتكون أسوأ مما يظنان.