علي بن سالم الرواحي:
قال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور ـ 58).
* معاني الكلمات
(الحُلم): مأخوذ من الحِلم وهو رؤيا في المنام يأتي على أثرها نزول المني، وهي علامة للبلوغ، وقد يأتي الاحتلام في اليقظة لكن غالبه في النوم، وقيل: مأخذ من الحِلم وهو العقل إذ إن البلوغ شاهد على قوة عقل البالغ، زمن جهة أخرى هو جدير بالحِلم وهو كظم الغيظ والعفو عن المسيء، (عورات): أي: وقت مظنة كشف العورات حين يخلو الرجل إلى أهله، أو يضع بعض ملابسه للنوم، (طوّافون): أي: يدخل بعضكم على بعض بكثرة بفعل الحاجة وللخدمة بلا إذن.
* التفسير الإجمالي
بهذه الآيات الكريمة يؤدبنا الله سبحانه وتعالى بأدب استئذان الصغار غير البالغين ومماليكنا ذكورًا وإناثًا في ثلاثة أوقات، لأن بها قد نضع ثيابنا فتنكشف عوراتنا، ولا ريب إننا لا نريد أحداً أن يرى عوراتنا وهي: (1) قبل صلاة الفجر: وهي ساعات النوم ليلاً، وقد نكون فيها نائمين أو نغتسل لصلاة الفجر أو لصلاة قيام الليل، (2) حين نضع ثيابنا من الظهيرة: وهي وقت القيلولة التي قد يُنام فيها، ويُلبَس لباس النوم، (3) بعد صلاة العشاء: وهو بداية النوم، ومنه يستمر النوم إلى الفجر، إلا المصلين قائمي الليل، والنائم يلبس فيه ملابس نوم تكون أحيانًا كثيرة غير ساترة.
ثم رخّص سبحانه وتعالى لهم في الدخول علينا بعد تلك الأوقات الثلاثة، لحاجتنا إليهم وحاجتهم إلينا، وإلا شق علينا ذلك لو كان هناك استئذان، وكل ذلك من لطف الله علينا، منه الله سبحانه وتعالى علينا وليس فيه حرج علينا ولا عليهم، و(كَذَلِكَ) كما بيِّن الله لنا أدب الاستئذان هذا، (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ) لنا سائر (الْآيَاتِ) بما فيها من أحكام (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) بما يصلح الإنسان من تشريع (حَكِيمٌ) يحكم الإنسان بشرائعه، ويضع أحكامه في مواضعها بحيث تصب جميعها في مصلحة الإنسان.
ثم هناك أدب آخر يتعلق بالأطفال الذين بلغوا الحلم فإن مصيرهم هو نفس مصير الكبار، فلا يدخلون علينا إلا باستئذان في جميع الأوقات.
* كاتب عماني