لا يزال الساسة الغربيون يمدون المزيد من لحائف الخوف على شعوبهم من ارتدادات الإرهاب وأنهم مستهدفون في أي لحظة وفي أي مكان، في تغطية واضحة على أدوارهم التخريبية والتآمرية وعلى تحالفهم غير المسبوق مع الإرهاب ومختلف أدواته التي بدت في شكل تنظيمات وتشكيلات وعصابات ودول تأسست على الإرهاب وأخرى تتجه إلى ممارسته، والمضي في إنشاء المزيد منها وتسخير كافة الوسائل والسبل لها من تجنيد وتدريب وتسليح.
وعلى الرغم من كل ذلك، وفي الوقت الذي يواصلون فيه سكب المزيد من الزيت القابل على الاشتعال على لحائف المخاوف، تؤكد جميع المعطيات حول طبيعة تحركاتهم السياسية والعسكرية ووضعها تحت مجهر الواقع أن هناك انفصامًا كبيرًا وبونًا شاسعًا بين ما يثيره الساسة الغربيون من هلع ومخاوف وبين القرار والأداء، فهناك إشارات مهمة تؤيد هذه الحقيقة من بينها:
أولًا: الانتقاد الكبير الذي وجهه العراق على لسان رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى ما يسمى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في ختام اجتماع التحالف الذي عقده في لندن أمس الأول لبحث تنسيق الجهود لمواجهة "داعش"، حيث صب العبادي غضبه من محدودية الدعم المقدم من التحالف للحكومة العراقية والجيش العراقي الذي يقاتل "داعش" على أكثر من جبهة، موضحًا أنه جاء للمشاركة في اجتماع التحالف للتأكيد أن "العراق بحاجة إلى أسلحة، أنا شخصيًّا هنا للحصول على مزيد من الدعم من شركائنا. لا نريد أن نشهد هزيمة عسكرية بسبب مشاكل مالية وفي الموازنة". وعلى أثر ذلك حاول وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل التدخل أمام الصحفيين لتخفيف الانتقاد الذي غدا يشبه الفضيحة الماثلة في الإعلان الغربي والأميركي تحديدًا عن محاربة داعش وإعلان استراتيجية وتشكيل تحالف وإرسال مستشارين عسكريين وعدم إيصال الدعم اللازم والكافي للقوات التي تقاتل على الأرض، حيث قال هاجل إن انتقادات العبادي غير مفيدة، وإن هناك شحنات أسلحة عاجلة سترسل إلى العراق. لكن متى؟ وهل هذا صحيح أم يأتي في إطار الحرب الإعلامية ضد داعش؟
ثانيًا: إعلان اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى شرق العراق عن فتح تحقيق موسع لمعرفة هوية مروحيات عملاقة مجهولة هبطت في قلب معاقل تنظيم داعش في المقدادية ونقلت إلى مقاتلي التنظيم أسلحة ومؤنًا غذائية، مؤكدة أن "ذلك يعد دليلًا آخر على وجود دعم خارجي للتنظيم من أجل إبقاء حالة عدم الاستقرار الأمني في المحافظة وبقية مناطق البلاد"، مشددة على ضرورة كشف وبيان الحقائق أمام الرأي العام. أما النائبة المستقلة حنان الفتلاوي فانتقدت من جانبها تقديم رئيس الوزراء حيدر العبادي احتجاجًا لاختراق طيران الجو الإيراني الأراضي العراقية وعدم تقديمه احتجاجًا تجاه من قام بإسقاط الأسلحة لإرهابيي "داعش".
ثالثًا: قالت إذاعة RTL الفرنسية إن نحو عشرة عسكريين فرنسيين سابقين من وحدة المغاوير المظليين انضموا إلى مجموعات إرهابية في سوريا. وذكرت الإذاعة، في خبر أسندته إلى مسؤولين في وزارة الدفاع الفرنسية، أن العسكريين السابقين توجهوا للقتال في منطقة دير الزور شرق سوريا. ومعروف أن دير الزور من المحافظات التي يوجد بها تنظيم داعش. أما وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان فقد أفاد من جانبه ـ في تصريح للإذاعة نفسها حول القضية ـ أن من النادر وقوع حادثة من هذا القبيل في الجيش. وقد تم تبرير هذه الفضيحة بأن وحدة حماية الدفاع والأمن التابعة لوزارة الدفاع تواجه صعوبة في التمييز ما بين العناصر ذات الميول المتطرفة، والعناصر المتدينة. وهو عذر أقبح من ذنب.
الخلاصة، هذه هي حقيقة ما يروجه الساسة الغربيون عن حروبهم ضد الإرهاب، وما هي إلا في وجهها الآخر والحقيقي سوى حروب استعمار واستنزاف ضحيتها بلادنا العربية وشعوبها.