د. فاطمة بنت محمد البلوشية
أمن المعلومات يُمثِّل تحديا يستوجب العمل عليه بتضافر جهود الحكومات والأفراد، وبالتعاون بين القطاعين العام والخاص؛ وذلك لارتفاع نسبة ارتباط الإنسان بأجهزة كثيرة ومتعددة لحياة أكثر سهولة، وهذا يرافقه زيادة تهديدات أمن الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة. والاختراقات الإلكترونية في الوقت الراهن صارت حتمية على كل فرد يملك أجهزة ذكية أو أي أجهزة تعد من ضمن فئة إنترنت الأشياء. حيث تتيح هذه الأجهزة للمتلصصين الرقميين سرقة البيانات الشخصية حسب تقرير جريدة الشرق الأوسط اللندنية (2020).
وقد توقع المختصون نمو سوق الأمن السيبراني، في الشرق الأوسط، بمعدل سنوي 22.5%، وذلك بين عامي 2018 و2024 وذلك حسب خبر نشرته جريدة الخليج الجديد (2020). وحسب إفادة الجريدة ذاتها، فإن مجرمي الإنترنت، يتمكنون من الإيقاع بما معدله 1.861 ضحية في جميع أنحاء العالم خلال الدقيقة الواحدة.
حيث ذكرت مجلة عالم الاقتصاد (2020) عن شركة "ترند مايكرو" التي تعد من أبرز الشركات العالمية في حلول الأمن السحابي في تقريرها السنوي لنتائج منتصف العام (2020) عن أنها قد حظرت 8.8 مليون تهديد مرتبط بجائحة كورونا في ستة أشهر فقط. هذه التحديات يسهل التعامل معها مع افتراض فهم المخاطر القائمة من الاتصال بالأجهزة الذكية مما يؤدي إلى المساعدة في التخفيف من التهديدات (جريدة الشرق الأوسط اللندنية -2020).
وقد أدركت القيادة الحكيمة بسلطنة عمان أهمية وجود جهة تُعنى بتحليل المخاطر والتهديدات الأمنية في الفضاء الإلكتروني، ولتوصيل هذه المعلومات لجميع مستخدمي خدمات الإنترنت ووسائل تقنية المعلومات، سواء كانوا من المؤسسات العامة أو الخاصة، أو الأفراد من خلال تدشين المركز الوطني للسلامة المعلوماتية عام 2010م. ومن ضمن مهام المركز بناء وتعزيز الوعي الأمني في مجال الحاسب الآلي والإنترنت في مؤسسات القطاع العام والخاص وكذلك بين المواطنين والمقيمين في سلطنة عُمان. وانطلاقا من هدف بناء الوعي الأمني في فضاء الإنترنت العُماني تم إطلاق برنامج سفراء السلامة المعلوماتية.
ويشمل برنامج سفراء السلامة المعلوماتية المهتمين بأمن المعلومات من أفراد المجتمع والأكاديميين والمختصين بهذا المجال من المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء. ومن أهداف البرنامج بناء مجتمع معرفي للسلامة المعلوماتية بسلطنة عمان وذلك بإشراك أعضاء المجتمع المعرفي للسلامة المعلوماتية في عملية نشر المعرفة في مجال أمن المعلومات. وإيجاد فرص للتواصل بين الدارسين والباحثين وخبراء أمن المعلومات بالسلطنة؛ وذلك بإعطاء الفرصة لأخصائيَ أمن المعلومات بسلطنة عمان لمشاركة أبحاثهم مع جميع المهتمين بمجال أمن المعلومات. وهذا يؤدي إلى تشجيع البحث والتطوير داخل المجتمع المعرفي للسلامة المعلوماتية. وأخيرا البحث عن المهارات البشرية المتميزة في مجال أمن المعلومات بالسلطنة. وبلغ العدد الإجمالي للمسجلين كسفراء في برنامج السلامة المعلوماتية 1641 سفيرا موزعين كالآتي: (عدد المهتمين 589 وعدد الأكاديميين 694 وعدد المختصين 385) حسب إحصائيات الموقع الرسمي للمركز الوطني للسلامة المعلوماتية بتاريخ 10/12/2020م.
والبرنامج لم يغفل عن فئة الأطفال، حيث تم تدشين موقع "ملتقى الأطفال للسلامة المعلوماتية" حيث يقدم للأطفال ولأولياء الأمور معلومات مهمة عن كيفية الحفاظ على معلوماتهم الشخصية أثناء استخدامهم الإنترنت من خلال النصائح البسيطة والسهلة التطبيق. كما يقدم الموقع قسما خاصا للترفيه، ويقدم من خلاله الألعاب ورسومات للتلوين للمتعة والتعلم في نفس الوقت (موقع ملتقى السلامة المعلوماتية – 2020 م).
وقد بلغ إجمالي الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات والدورات التدريبية المنفذة من تاريخ إنشاء المركز حتى اليوم حوالي 449. وبلغ إجمالي عدد المستفيدين من 12 فعالية توعوية عن بعد أكثر من 750 مواطنا خلال عام 2020م (إحصائيات مركز السلامة المعلوماتية 2020).
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة من المركز الوطني للسلامة المعلوماتية في سبيل رفع وعي المجتمع بأهمية أمن المعلومات وطرق الحماية لها، إلا أنه لا يخفى على أحد زيادة في أنواع المنصَّات التي قد تستخدم للاعتداء الإلكتروني والتصيُّد الإلكتروني. التصيُّد الإلكتروني يقوم على مبدأ خداع الآخرين للقيام بفعل يحقِّق مكاسب للمعتدي، حيث إن هذا النوع من الاعتداءات بات شائعا وضحاياه في ازدياد للأسف الشديد. وهذا النوع من عمليات التصيُّد تتطوَّر بدورها، إلى درجة أن بعض الرسائل الإلكترونية الاحتيالية باتت عصيَّة على الرصد إلَّا في حالات التدقيق الشديد، وهذا ما لا يفعله معظم الناس (جريدة الشرق الأوسط اللندنية ـ 2020). وهذا يتطلب تكثيفا أكبر للتوعية بالمخاطر المحتملة من هذه المنصَّات وطرق تفادي الوقوع في أي عمليات مشبوهة وغير موثوقة.