يحرص حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على التوجيه دائمًا لعمل مؤسَّسات الدولة بصورة تكاملية؛ لأنَّ التكامل بَيْنَ مؤسَّسات الدولة بات ضرورة لتحقيق الأهداف العليا وتحقيق التنمية الشاملة للمجتمع عَبْرَ استثمار وتوظيف طاقات أبنائه على اختلاف فئاتهم في جميع المجالات. فطريق التنمية الوعر يحتاج إلى شراكة تكاملية حقيقية بَيْنَ كافَّة مُكوِّنات الدولة العُمانية الحديثة، وقد حرصت النهضة المباركة منذُ بزوغ فَجْرِها على بناء الدولة العصرية، التي تعمل مؤسَّساتها جميعها وفق نظام يكفل قيام كُلٍّ منها بدَوْرِه الوطني في تناغم وتكامل لِمَا فيه المصلحة. وبفضل التكامل والتناغم حققت البلاد مستويات متقدِّمة في التنمية بشكْلٍ عامٍّ، حيث امتدَّت منجزات النهضة العُمانية الحديثة وثمارها المتلاحقة، ومكاسبها المتعدِّدة في مجالات التعليم والصحَّة والطُّرق والكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات إلى كُلِّ المناطق في محافظات سلطنة عُمان بدُونِ استثناء، ساعيةً إلى تحقيق الرفاه للمُجتمع.
وبفضلِ التوجيه السَّامي للقائد المُفدَّى، خطَتْ سلطنة عُمان خطوات واسعة لتحقيق الأهداف التنموية، رغم ما تشهده السَّلطنة والعالم من أزمات اقتصادية أثَّرت بشكْلٍ سلبيٍّ على تحقيق الأهداف التنموية. فقد كان التعاون والتكامل بَيْنَ مؤسَّسات الدولة عنصرً أساسيًّا في الوصول لحالة التعافي التي وصل إليها اقتصادنا الوطني، والتقليل من تداعيات تلك الأزمات بشكْلٍ يؤثِّر على حياة المواطنين والمؤسَّسات الاقتصادية الكبرى والصغيرة والمتوسطة العاملة في البلاد، حيث واجهت سلطنة عُمان أعتى الأزمات الصحية والاقتصادية ببرامج وخطط تفاعلت معها وتعاونت وتكاملت أدوار كافَّة المؤسَّسات داخل الدولة العُمانية، واستطاعت تحقيق الأهداف المرجوَّة التي صبَّت في مصلحة البلاد والعباد، وقلَّلت الأضرار وفتَحت آفاقًا جديدة لمزيدٍ من التعاون والتكامل البنَّاء، في خضمِّ مساعي تحقيق التنمية الشاملة المستدامة التي تشمل رُبوع الوطن كافَّة.
ويأتي الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء ومجلسَيْ الدولة والشورى ـ أمس وأمس الأول ـ ترجمةً للرَّغبة السَّامية بتحقيق التكامل المؤسَّسي المطلوب، وأهميَّة تحقيق الأهداف التنموية المنشودة، وخطوة جديدة في إطار التنسيق المشترك بَيْنَ كُلٍّ من مجلس الوزراء ومجلس عُمان؛ بهدف الوصول إلى رؤى مشتركة تساعد في الارتقاء بمسـارات التنميـة الشـاملة التـي تشهدها سلطنة عُمان، ذلك أنَّ التعاون بَيْنَ المجلسَيْنِ بما يملكانِه من صلاحيات يساعد على تنفيذ السياسات العامَّة للدولة وضمان تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، حيث مثَّل الاجتماع مناسبةً طيبة استعرض خلالها صاحب السُّمو السَّيد فهد بن محمود نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء وصاحب السُّمو السَّيد شهاب بن طارق نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع مع رئيس وأعضاء مكتبَيْ مجلسَي الدولة والشورى العديد من الموضوعات، ومن بَيْنَها دعم التكامل بَيْنَ مؤسَّسات الدولة بهدف بلورة الجوانب التي تخدم الصالح العام، وبما يعزِّز مَسِيرة التنمية الشاملة.
إنَّ مِثلَ هذه الاجتماعات المُثمرة تعمل على تعزيز التعاون البنَّاء بَيْنَ مؤسَّسات الدولة، ويحقق تبادل الآراء المصلحة العُليا للوطن، خصوصًا مع ما يملكه مجلس عُمان من خبرات وكفاءات وطنية، ستسهم بالتأكيد برؤى ودراسات ومقترحات ستساعد على دعم الجهود المبذولة من الحكومة في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية، والارتقاء بمَسِيرة العمل الوطني، فالتعاون والتكامل هو عنوان المرحلة القادمة، التي تعوِّل عليها سلطنة عُمان (قيادةً وشعبًا) في تحقيق الأهداف التنموية التي تحملها رؤية "عُمان 2040" الطموحة، والتي تُعدُّ بوَّابة البلاد نَحْوَ تحقيق التنويع الاقتصادي المأمول، الذي لَنْ يتحقق إلَّا بتعاون وتكامل الأدوار ليس بَيْنَ مؤسَّسات الدولة فحسب، لكن يبقى دَوْرُ المواطن الحيَوي للتفاعل مع هذه الرؤية الطموحة، والتي شارك الشَّعب العُماني في كافَّة محافظات وولايات سلطنة عُمان في إعدادها؛ لذا يَجِبُ على جميع أبناء عُمان التعاون لتنفيذها، للمزيد من المنجزات التي تشهدها البلاد في ظلِّ القيادة المُستنيرة لجلالة السُّلطان ـ أعزَّه الله ـ.