تحرص سلطنة عُمان على وجود نظام قضائي متطوِّر يُواكب أحدث التقنيات العالمية، ويعمل في أُطر واضحة تسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة بَيْنَ المواطنين العُمانيين، والمقيمين على أرضها الطيِّبة، واستطاعت المنظومة القضائية الوصول لتلك الغاية بشكْلٍ يشهد به القاصي والداني؛ نظرًا لأنها تسعى دائمًا إلى تطوير نظامها القضائي بشكْلٍ مستمر؛ إيمانًا منها بدَوْرِه في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المجتمع، لذا تحرص على إقامة القوانين والتشريعات المنظِّمة للعمل القضائي بما يواكب الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية المستجدة في الدولة، وتكريس نظام قضائي ناجز يحقق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية، ويسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وتأكيدًا على النهج التطويري للمنظومة القضائية، أصدر حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ المرسوم السُّلطاني رقم (35/2022) بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء، والذي جاء ليواكب توجُّه المنظومة القضائية نَحْوَ المستقبل، والذي حرص جلالته أنْ تتوافق نصوصه مع النظام الأساسي للدولة وأهداف رؤية "عُمان ٢٠٤٠" الطموحة التي تحمل البلاد على كافة الأوْجُه نَحْوَ مستقبَل مُشرق. لذلك جاء الحرص السَّامي على تعزيز التكامل بَيْنَ جميع الجهات القضائية من جهة، وبَيْنَها ووحدات الجهاز الإداري للدولة بما يحقق المصلحة العامة، ويسرع الإجراءات القضائية، بشكْلٍ يُلبِّي طموحات واحتياجات وتطلعات أبناء عُمان في كافَّة رُبوع سلطنة عُمان، حيث حرص جلالته ـ أبقاه الله ـ على منح النظام المجلس الأعلى للقضاء الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتَولِّيه جميع الشؤون المتعلقة بالقضاء، وتخصيص ميزانية سنوية مستقلَّة لهذا المرفق، ورفده بالكوادر الفنية والإدارية المتخصِّصة اللازمة، وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة، من أجل توحيد جهود العاملين في مرفق القضاء، وبما يحقق تكامل الأعمال بَيْنَ جهات القضاء المتعدِّدة عوضًا عن توزيع أعباء المرفق على جهات متعدِّدة، كما كان سابقًا؛ من أجل أنْ يتفرغ القضاة وأعضاء الادعاء العام في أداء رسالتهم القضائية دُونَ غيرها من الأعمال الإدارية.
فالتطور المنشود يسعى إلى تقريب وتوحيد جهات التقاضي على المتقاضين، وذلك بدمج القضاء الإداري في منظومة قضائية واحدة، عوضًا عن شيوع الاختصاص بَيْنَ جهات قضائية متعدِّدة، وللحيلولة دُونَ تعارُض الأحكام القضائية وتنازعها، والحدِّ من إطالة أمد النزاع وتأخر الفصل بَيْنَ المتقاضين بأحكام نهائية وناجزة، وتوفير الجهد والتكلفة التي يتكبدها المتقاضون من أجْل السًّعي وراء حقوقهم، بالإضافة إلى الاتِّجاه نَحْوَ حكومة المنظومة القضائية بشكْلٍ يجعل التقنية في خدمة تحقيق تلك الأهداف المنشودة. وتأكيدًا على تلك الأهداف، شدَّد جلالة القائد المفدَّى، لدى تفضُّـله بترؤس اجتماع المجلس الأعلى للقضاء بقصر البركة العامر، على المضامين التي حملها المرسوم السُّلطاني رقم (35/2022) بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء بما يتوافـق مع نصوص النظام الأساسي للدولة وأهداف رؤية عُمان.
ووجَّه جلالته ـ أعزَّه الله ـ باتِّخاذ كافَّة الإجراءات القانونية اللازمة لتعديل القوانين والمراسيم السُّلطانية ذات الصِّلة بالقضاء بما يتفـق وأحكام المرسوم الآنف ذكره، مشيرًا ـ أعزَّه الله ـ إلى أهميَّة الاستمرار في تطوير عمل المنظومة القضائية وحوكمة إجراءاتهـا بما يتواكب مع توجُّه الحكومة فـي التحوُّل الرقمي ووفـق أُطر رؤية "عُمان ٢٠٤٠" لتحقيق الأهداف المنشودة، وهي خطوة كبيرة سوف تعمل على تحقيق الأهداف المرجوَّة، والتي ستستعد لإقامة منظومة عدالة ناجزة تحقق المأمول منها. وحرصًا على عدم تعطيل مصالح المتقاضين لحين تحقيق المطلوب، فقد وجَّه جلالتـه ـ أيـَّده الله ـ بأنْ تستمر الدوائر الإدارية الاستئنافية والدوائر الإداريـة الابتدائية بالنظر في الدعاوى المرفوعة أمامهـا إلى بدايـة العـام القضائي القادم، على أن يستأنف النظر في الدعاوى وفقًا للمرسوم السُّلطاني المشار إليه مع بداية العام القضائي.