جودة مرسي
الأشياء المبهجة والتي تبعث على الأمل بشكل دائم هي رؤية مؤسسات الدولة تنجح بمرونة في تخطي الأزمات العالمية، وتستجيب لاحتياجات المجتمع لتشجيع العملية الاقتصادية. ومن المشجع أن نرى هذه الأمور الاقتصادية رزينة تتعامل مع تأكيد من القيادة الحكيمة بأنها لا تألو جهدا في سبيل تجنب أي آثار سلبية يتعرض لها الاقتصاد الوطني بشكل عام والتأثير بالتالي على المواطن بشكل خاص، وتسخير المؤسسات الحكومية على تنفيذ السياسات المساعدة للمجتمع، متبوعة بسلامة وصحة المعايير المنفذة لهذه الأهداف. والمفرح أيضا أن تجد مردود السياسات التي اتخذتها الدولة في أوقات عصيبة أثبتت الأيام نجاحها، وأن الحكومة الرشيدة تمتلك من الخبرات والقرارات ما يؤهلها دائما لتجنب مخاطر الأزمات العالمية، وكان من نتيجة ذلك عمليا، ما صرح به مؤخرا معالي سلطان بن سالم بن سعيد الحبسي وزير المالية، في اللقاء الإعلامي الذي نظَّمته وزارة المالية، واستعرض فيه أبرز المؤشرات المالية التي حققتها سلطنة عمان خلال العام الماضي، بأنَّه تمَّ سداد 2.9 مليار ريال عُماني أقساط القروض بنهاية شهر مايو الماضي، مشيرًا إلى أنَّ الحكومة استطاعت عبر سلسلة إجراءات تعزيز الأداء الاقتصادي؛ أبرزها تنفيذ خطة التحفيز الاقتصادي ومبادرات الحماية الاجتماعية، والتي تسهم في تقليل الآثار المترتبة على القِطاع الخاص وحماية فئات المجتمع من تأثيرات الإجراءات المالية المباشرة. والأداء المالي للعام الحالي حتى نهاية شهر مايو الماضي والتوجُّهات المستهدفة للفترة القادمة إلى تعديل وكالات التصنيف الائتماني للنظرة المستقبلية لسلطنة عُمان إلى "مُستقرة وإيجابية"، حيث انخفضت نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلِّي بنهاية عام 2021م بنحو62.9 بالمائة، والجهود مستمرة لخفض المديونية العامة للدولة. وقال معالي وزير المالية: إنَّه في إطار توجُّهات الحكومة نحو تعزيز قيمة الاستدامة المقرونة بالإنتاج وتأثيرها على النمو الاقتصادي وقوتها في جلب الاستثمارات، خصوصًا في قِطاع الطاقة المتجدِّدة، فقد بدأت العمليات التشغيلية الفعلية لشركة تنمية طاقة عُمان في أغسطس من العام 2021م.
وتأتي هذه الإجراءات لتؤكد أن سياسات الاقتصاد الكلي الحصيفة التي اتخذتها سلطنة عمان منذ ديسمبر العام 2020 وتعرض الاقتصاد العالمي للأزمات المتلاحقة ما تسبب في انكماش اقتصادي عالمي كبير ليست بديلا لسياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والتي تشكلت ضرورة أساسية لمنع نشوء فقاعات الأصول الضخمة والتشوهات في الأسواق المالية بالسلطنة، وبالتالي الحد من مخاطر الصدمات المعاكسة لكل من الأسواق والاقتصاد الحقيقي.
وأثبتت سلطنة عمان عبر اتخاذها تدابير اقتصادية ناجحة خلال الأزمات العالمية أنها تستطيع إيجاد الكيفية الناجحة التي تستطيع من خلالها أن تصوغ سياساتها، لضمان الاستقرار المالي لتتجنب البلاد الارتفاعات الحادة لمعدلات الباحثين عن عمل على مستوى العالم، والابتعاد عن الأزمات المالية التي تؤدي للإضرار بالتماسك الاجتماعي. إن الهيكل المؤسسي لأي بلد يشكل عنصرا أساسيا لضمان الاستقرار المالي والتنسيق الفعال للسياسات والتعاون. وهذا ما يتمتع به اقتصاد سلطنة عمان من قوة وليونة ساعدت في التعامل مع الأحداث العالمية التي مرت في السنوات القليلة الفائتة، وضرب المثل الناجح في كيفية التعامل مع فارق الإيرادات في الميزانية العامة للدولة بحزمة الإجراءات الناجحة التي أصدرها في حينها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بمرسوم سلطاني سامٍ قضى بإنشاء جهاز الاستثمار العُماني، ورصد وتقييم المسائل المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي الكلي، وتوجيهها التوجيه السليم في رفع معدل التنمية، وأن خطانا الاقتصادية أثبتت مقدرتنا على تحدي الأزمات العالمية، وامتصاص صدماتها بفضل الجهود المخلصة لقائد الوطن وأبنائه المخلصين، وما تصريحات معالي وزير المالية الأخيرة إلا إثبات عملي على حسن إدارة الاقتصاد والأصول المالية التي يتم ضخها في أوقات مناسبة تساعد في تسيير العملية الاقتصادية بنجاح دون التعرض لأزمات دخلت فيها دول أخرى ولم تستطع الخروج منها رغم ما تملكه من إمكانات.