طالب بن سيف الضباري
مع التوجه السامي لإعطاء المحافظات الصلاحيات التي تمكنها من عملية التطوير والتحديث، والاعتماد على نفسها في بناء اقتصاد قوي وحركة سياحية وتجارية نشطة، من خلال استغلال ما لديها من مقومات ذات عائد مادي واقتصادي توفر المزيد من فرص العمل وتوطن القوى العاملة الوطنية عبر مجموعة من الاستثمارات والمشاريع الخدمية، وعملا بمبدأ اللامركزية في اتخاذ القرارات والاجراءات الكفيلة بتحقيق تلك المعادلة، ومن مبدأ كذلك تمكين هذه المحافظات لوضع واعداد السياسات التي تتميز بها من حيث الموقع الجغرافي والثروات الطبيعية، فإن من الاهمية بمكان أن تكون لها خصوصية في بعض الرسوم التي تفرض على تقديم بعض الخدمات، بحيث لا تكون موحدة ومتساوية، فالوضع في مسقط كونها عاصمة البلاد وكذلك بعض المحافظات التي شهدت نموا اقتصاديا وصناعيا وتجاريا خلال السنوات الماضية لاشك يختلف عن باقي المحافظات، التي بطبيعة الحال بحاجة الى توجيه الاستثمار اليها سواء من الداخل او الخارج، والذي لن يتحقق الا اذا كانت هناك بعض التسهيلات والامتيازات ومنها على سبيل المثال رسوم تحويل الاراضي.
فمن غير المعقول ان تكون هذه الرسوم موحدة سواء في مسقط التي يقبل عليها المستثمر كونها العاصمة والتي تتكدس فيها المشاريع المختلفة، والمحافظات التي يكاد البعض منها يخلو من مثل هذه الاستثمارات، وبالتالي لابد من مراعاة ان تكون الرسوم مختلفة وبنسبة اقل كثيرا عن مسقط تشجيعا للحركة الاستثمارية التي سيكون لها الاثر الكبير في ازدهار المحافظات وولاياتها المختلفة، وستفتح المجال من جانب اخر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتقديم الخدمات التي تحتاج اليها تلك الاستثمارات، سواء اثناء اعداد البنى الاساسية لها وانشائها او لاحقا في مرحلة التشغيل، فالمؤمل لهذا التوجه التنموي اللامركزي للمحافظات ان يكون ذا بعد استراتيجي يحقق الاستقرار الاجتماعي قبل كل شيء للمواطن، عبر منظومة خدمات ممولة من عائد المشروعات الاستثمارية، وان تحاكي على المدى البعيد تلك المدن في عديد دول العالم بتوفر الخدمات ومقوماتها السياحية والاستثمارية، التي لاشك ستشكل رافدا مهما في دعم الاقتصاد الوطني الكلي التي تعمل على تحقيقه الحكومة في ظل نهضة سلطنة عمان المتجددة.
إن تمكين المحافظات واعطائها الفرصة الكاملة لاعداد حقائب استثمارية جاهزة ومشتملة على كافة الموافقات بالاضافة إلى ميزة الرسوم المخفضة، وان لا يتعدى حصول المستثمر على اي حقيبة سوى ساعات سيسهم في التسريع نحو التحول المنشود من منح الصلاحيات، على ان يكون في مكتب كل محافظ وحدة خدمات متكاملة او على الاقل تكون لدى المحافظ صلاحية اتخاذ الاجراءات التي تعنى بها اجهزة الخدمة في المحافظة لانهاء كافة الامور المرتبطة بتلك الحقائب الاستثمارية، لكن وهذا ما لا نرجوه ان يكون قرار كيفية تقديم الخدمة وسلسلة الاجراءات المرتبطة بها مركزية بيد رئيس الوحدة الخدمية، لن تكون لدينا حقائب او حتى ملفات يمكن ان تنسجم وتتناغم مع ما يتطلع اليه مجتمع تلك المحافظات، بالاسراع للانتقال بولاياتهم من مدن مستهلكة تنتظر دعم الحكومة الى مدن منتجة تقدم دعما للحكومة، وقبل ذلك إنعاش الاقتصاد والارتقاء بالانسان ماديا واجتماعيا نتيجة اشراكه في الحراك المجتمعي.

أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]