علي بدوان
كما تُشير معظم المعلومات المتوافرة، تذهب حكومة (نفتالي بينيت ـ يائر لبيد) "الإسرائيلية"، في الأيام المقبلة، باتِّجاه حلِّ الكنيست، وهو ما تم عمليًّا، والتوجُّه نحو انتخابات برلمانية مُبكّرة. وذلك في مبادرة استباقية منهما للخروج لانتخابات، قبل أن يوصلهما ترهُّل ائتلافهما إلى ذلك، على قاعدة، "أن تموت واقفا خيرٌ من أن تحيا على ركبتيك". وبعد إقرار ما يُسمى بـ"قانون الأبارتهايد"، وانطباقه من الوجهة "الإسرائيلية" على المستعمرين في مستوطنات الضفة الغربية.
فالمشهد السياسي في "الساحة الإسرائيلية"، مزدحم، وحراكاته غير طبيعية، بل ويدور في فلك التجاذُب بين معسكرين في "إسرائيل"، كما هو عليه في السنوات الأخيرة، دون أن يمنع ذلك من حِدّة التنافُس بين الأحزاب اليهودية داخل كل معسكر على قاعدة تحصيل كل منهما مقاعد برلمانية أكثر في الكنيست، ولن يستجدَّ في هذا المشهد ما يستحقُّ الانتباه، لطالما يشتغل هذا الاستقطاب وفق أجندة صهيونية الدولة، وتحت سقف شروطها دون الأخذ بعين الاعتبار بالنسبة للمواطنين العرب الأصليين أهل الوطن والبلاد.
كما أن تجربة حكومة الائتلاف الحالي الحكومية (نفتالي بينيت + يائر لبيد) باعتبارها حكومة ما يُسمَّى بـ"وسط ـ يسار". وقد أثبتت بما لا يحتاج إلى إثبات، بأن السياسات الممنهجة ضدَّ مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948، وعموم أبناء شعبنا الفلسطيني، كانت أكثر صهيونية مما كانت عليه في ظلِّ أي حكومة سابقة من حكومات الاحتلال، في ظل صهيونية الدولة العبرية "الإسرائيلية".
أما عن الأحزاب العربية البرلمانية، بشقيها المتمثلين بالقائمة العربية المشتركة، والقائمة العربية الموحَّدة (الجنوبية) برئاسة منصور عباس، فلم تكن لتُرحِّب بانتخابات تشريعية قريبة قادمة كما يبدو، وذلك تفاديًا منها لمواجهة قواعدها العربية الشعبية بالداخل المتذمرة منها، والتي ضاقت ذرعًا من سياساتها العربية في الداخل.
إن ما ادعى منصور عباس رئيس القائمة الموحدة، عن إنجازٍ له، لا يَدين له على الأرض بعد. دون أن يُشترط بأن يصبح العرب في الداخل المحتل عام 1948، جزءًا من ائتلاف في حكومة بمجرد وجود العرب فيها، نقيضًا لها، حيث يُصرُّ منصور عباس وقائمته، على المضي قُدُمًا وبلا رجعة، في تمكين نهجه الذي يُسمِّيه "الشراكة والتأثير"، بينما في حقيقته هو "دمج وأسرَلة"، وتغيير لوجهه ووجه العرب في الداخل، دون أن تتغيّر "إسرائيل" ذاتها من المواطنين العرب قيد أنملة.
ولكي لا نعود لتكرار ما قلناه سابقًا عن مسارٍ بدأته القائمة العربية المشتركة وعلى رأسها الجبهة بقيادة أيمن عودة، وخطاب التأثير ويمينه في أي انتخابات تشريعية قادمة (الخامسة المتوقعة...؟)، كل هذا، الذي وصل بنا إلى ما نحن عليه اليوم برعاية منصور عباس، إلا أن المُستجد هو المسمار الذي تمكَّن منصور والموحَّدة من شَكِّه في هذه المساحة الجديدة والخطيرة لدى تاريخ الداخل. الفلسطيني المحتل عام 1948.
ليس للقائمة العربية المشتركة، في الانتخابات القادمة ما تقترحه هذه المرة أمام الناس من المواطنين العرب في الداخل، غير ذلك المتعلق بـ"الحقوق واستحقاقها بكرامة" في إشارة أكثر ذات علاقة هذه المرة من أي انتخابات سابقة إلى تورُّط القائمة الموحَّدة الجنوبية برئاسة منصور عباس وقيادتها في نهج "الاندماج والأسرَلة"، تحت طائل "حقوقنا وقضايانا الحارقة".
ومع ذلك، لا نظنُّ أن القائمة العربية المشتركة برفعها شعار "الحقوق بكرامة"، يمكنها محاصرة القائمة الموحَّدة ونهجها لحدِّها دون حراك شعبي فلسطيني في الداخل من قبل عامة الناس، من أبناء النقب والجليل والمثلث...؟
نعم، لم يأبه منصور عباس للإحراج في ظلِّ الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى. لذا، فإن خطاب "حقوق بكرامة" لن يكون فاعلًا في لجم حالة "الأسرلة والاندماج"، ما لم يُطرح بوصفه برنامجًا يُمكن تفعيله خارج قبة الكنيست التشريعية. أما إذا كان سيُطرح لمجرد المناكفة وكسب الأصوات، فإن القائمة العربية المشتركة ستظل في نهجها في مشكلة مستعصية في المعادة "الإسرائيلية" وعربها.