تعمل سلطنة عُمان على تنمية المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصِّغر كمًّا وكيفًا، وتوفر لتلك المؤسَّسات أنواع الدعم كافَّة، سواء كان تمويليًّا أو فنيًّا أو تدريبيًّا، فالحكومة تدرك جيدًا الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الجمَّة التي تنتج عن تطوير منظومة عمل تلك المؤسَّسات، حيث أثبتت التجارب الاقتصادية المتقدِّمة دَوْرَ هذه المؤسَّسات في توفير فُرص عمل حقيقية، وتحقيق القِيمة المضافة المرجوَّة، ولها دَوْرٌ حيَويٌّ وفعَّال في تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود. لذا تعمل وفق خطط وبرامج متكاملة تعمل على توفير البيئة المواتية لإنجاح تجارب روَّاد الأعمال في جميع القِطاعات، خصوصًا القِطاعات الرئيسة، التي تعمل الحكومة في خطَّتها الخمسية الحالية على تطويرها بشكْلٍ يفتح الطريق لتحقيق رؤية "عُمان 2040"، التي تُشكِّل بوَّابة للاقتصاد العُماني نَحْوَ المستقبل الرحب وآفاقه البنَّاءة التي تصبُّ في صالح أبناء الشَّعب العُماني في الحاضر، وتُمهِّد لمستقبلهم الواعد. وتُعدُّ المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق المرجوِّ والمستهدَف، كونها من أنجع الأدوات الاقتصادية التي أثبتت جدواها في تجارب عالمية عدَّة، نجحت في رُبوع المعمورة كافَّة.
ويأتي توفير أماكن مناسبة ذات تكلفة مناسبة إحدى أدوات المساعدة التي تقدِّمها الدولة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في كُلِّ القِطاعات، فالمكان المناسب يُسهم بالتأكيد في تحقيق الاستقرار المطلوب لإنجاح تلك المشاريع. ومن هذا المنطلق، وقَّعت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني 28 عقدًا بنظام حقِّ الانتفاع بأراضِ في القِطاعات الزراعية والحيوانية والصناعية بمحافظة شمال الشرقية مع عددٍ من المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، بما يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية لتنمية المحافظات، وفي إطار سياسة الوزارة في توفير أراضٍ بنظام حقِّ الانتفاع التي بدَوْرِها ترفد الاقتصاد والاستثمار ورفع الكفاءة لاستخدام الأراضي بشكل مستدام، والذي ينصبُّ أيضًا في توفير الدعم المطلوب لأصحاب المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، حيث تتيح العقود الجديدة مشاريع تنموية تدعم اللامركزية التي وجَّه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الحكومة للعمل على تحقيقها، سواء بزيادة المخصَّصات التنموية للمحافظات، أو بإعطاء المحافظات الصلاحية لإدارة شؤونها، والتخطيط والتنفيذ لاحتياجاتها الداخلية التنموية، بالإضافة إلى إقامة صروح اقتصادية تتوافق مع الإمكانات والمُقوِّمات التي تملكها كُلُّ محافظة على حِدة.
وفي نظرة سريعة للمشاريع التي وقَّعت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عقود تخصيص أراضيها، نجدها تسعى إلى تلبية احتياجات سلطنة عُمان من مشاريع الأمن الغذائي باستخدام طرق علمية حديثة ومبتكرة، حيث بلغت القِيمة الاستثمارية لهذه المشاريع مليونين و670 ألف ريال عُماني، وسيتمُّ تنفيذها على مساحة إجمالية تبلغ 980 ألف متر مربع، وتضمَّنت الاتفاقيات (23) ثلاثًا وعشرين اتفاقية في القِطاع الزراعي والتي تشمل مشاريع زراعة الخضراوات والفواكه في ولايات القابل وإبراء ووادي بني خالد والمضيبي وبدية على مساحة إجمالية بلغت أكثر من «800,000م2» وبقِيمة إجمالية بلغت مليونين و300 ألف ريال عُماني، بالإضافة إلى توقيع (3) ثلاث اتفاقيات لتربية الدواجن بولايتي القابل والمضيبي على مساحة إجمالية بلغت 124,000م2 وبقِيمة إجمالية بلغت 165 ألف ريال عُماني، والتوقيع على اتفاقية لتربية وتسويق الماشية بولاية المضيبي على مساحة إجمالية بلغت «42,000م2» وبقِيمة إجمالية بلغت 55 ألف ريال عُماني، وكلُّها مشاريع تتوافق مع إمكانات ومُقوِّمات محافظة شمال الشرقية، التي تُعدُّ إحدى أهمِّ المحافظات التي تستطيع تلبية احتياجات الأمن الغذائي في البلاد.
إنَّ العمل على توفير التسهيلات المطلوبة لعمل المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا في صناعات وأعمال مرتبطة بتحقيق الأمن الغذائي، خطوة مهمَّة وملهمة لباقي المحافظات؛ لكي تسير على نفس النهج، بالأزمات والأحداث العالمية تؤكِّد أنَّ تحقيق الأمن الغذائي يقي المستهلك المحلِّي الكثير من الأزمات المتتالية التي مرَّ بها العالم وتأثَّرت بها دوله، خصوصًا في العقد الأخير، فالعمل على تعزيز الأمن الغذائي يؤكِّد الإرادة العُمانية في السَّير نَحْوَ مستقبَل أكثر أمنًا لأبنائه في رُبوع الوطن كافَّة.