أفلح بن عبدالله الصقري
الكثير من الاتفاقيات التي وقَّعتها الحكومة في بيان أو عن طريق الصحف المحلية مع بعض الشركات الكبيرة منها الحكومية ومنها مع شركات القطاع الخاص، وكذلك بعض الشركات الأجنبية (بيوت الخبرة) لمشاريع حيوية وتنموية في سلطنة عُمان، فاستبشر الجميع الخير من هذه المشاريع والتي لا شك تخدم الوطن والمواطن على حدٍّ سواء، ولكن السؤال: أين هي هذه المشاريع على أرض الواقع؟
لاحظنا في السنوات القليلة الماضية أن هناك مشاريع منها لم ترَ النور ومشاريع أخرى لم تكتمل ومضى عليها فترات طويلة على حالها، كذلك هناك مشاريع صُممت بطريقة جميلة جدًّا لكن تنفيذها لم يكن بمستوى الطموح ولا تطابق الخرائط والتصاميم الموضوعة لأجلها، ما سبَّب استياء كبيرا لدى فئة كبيرة من المجتمع والذي كان يأمل بأن تخرج أكثر إبداعًا مما صُممت لأجله. نذكر منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ مشروع المدينة الزرقاء بولاية المصنعة والذي توقف تمامًا عن العمل، ومنها مشروع طريق الباطنة الساحلي والذي توقف منذ سنوات ولم يكتمل، ومنها أيضًا مشروع سوق الحافة بولاية صلالة والذي أتى تصميمه على شكل الطابع التراثي المعماري ولكن بعد اكتمال المرحلة الأولى من تنفيذه صدم التوقعات وأتى على عكس ذلك.
عليه، نأمل من القائمين على هذه المشاريع الحيوية والتي تأتي من ضمن رؤية "عُمان 2040" أن يعملوا على مراعاة التنفيذ ومراقبة المطورين العقاريين لهذه المشاريع، والتي لا شك بأنها مشاريع مهمة تأتي في سياق تطوير البلاد، ‫والخروج بالطابع المعماري المأمول والمطابق للخرائط التي وُقعت في الاتفاقية. وبما أن العُماني هو هدف التنمية وكل الخطط والبرامج تستهدف رفاهيته ومعيشته فمن حقه إبداء رأيه والتعليق على بعض مكامن الخلل والتي لا بُدَّ من المسؤولين القائمين عليها تدوينها ووضعها نصب أعينهم، فلا ينتقد ولا يغار إلا من حبه لوطنه وانتمائه إليه.
كما أن هناك مشاريع سياحية نتمنى أن تنفذ في أقرب وقت ممكن كمشروع التليفريك في الأماكن السياحية المرتفعة كالجبل الأخضر بمحافظة الداخلية وسهل أتين بمحافظة ظفار، والتي سيكون بلا شك أثرها كبير وستعمل على تنشيط السياحة والإقبال عليها، وسيحدث فارقا لدى السياح الأجانب أو المواطنين وحتى المقيمين على حدٍّ سواء.
لا شك أن الواجهات البحرية لأي مدينة ذات الطابع المعماري الحديث بين مزيج الحداثة والتراث لها جمالية تعطي المزيد من الراحة والاستجمام ومتعة التسوق والجلوس أمام البحر والاستمتاع بالأمواج يغير النفسية، بينما هناك في المقابل أيضًا مشاريع ما يُسمى بـ"أنسنة" المدن والتوسع في إعطاء جوانب الطرق جمال المدينة الحديثة، فقد رأينا في بعض الدول كيف أن جوانب الطريق لديهم إبداع في تنسيق المشاريع وإضفاء طابع المدن الحديثة من حيث استغلال فضاء الطرق الجانبية ووضع اللمسات وتبليط الأرصفة وإنشاء ممرات المشاة، وكلنا يعلم أن الحكومة ممثلة في البلديات لا تغفل عن هكذا مشاريع أقل ما نصف بها المكان بأنه يُثلج الصدور ويشرح النفوس.
إن المشاريع التنموية أتت لتلبِّي احتياجات وطموح المواطن عبر المناقصات الحكومية والتي تخرج عادة بالثناء والشكر من قِبل المجتمع العُماني؛ لِمَا لها من أهمية تلامس واقع حياته، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي يلوم فيها المواطن الغيور على وطنه القائمين على هذه المشاريع والذي يتمنى أن تخرج فوق مستوى التوقعات؛ كي يفخر ويفاخر بها الآخرين ويستفيد منها الجميع عندما تنتهي من التعمير ليلامس ما كان يراه على أرض الواقع.
نعلم أن هناك تحديات في بعض الأماكن تحول دون إكمال هذه المشاريع، ولكن لا تصل مدَّتها إلى سنوات، ولا ننسى أن تعويض القاطنين على خط هذه المشاريع قد تم منذ زمن، لذا نتمنى أن تخرج هذه المشاريع مكتملة تطابق الواقع، وأن تكون في مستوى الطموح، بل وفوق مستوى الطموح، وأن ترى بعض المشاريع المتوقفة النور قريبًا لكي نعيش أجواءها، وندعو إليها أصدقاءنا وعائلاتنا، ونعيش لحظاتها الممتعة، وأن يراعي الموكل إليهم تنفيذها حس الأمانة والمسؤولية لما فيه المصلحة العامة.