أضحى تعزيز الاستثمار السياحي في سلطنة عُمان هدفًا رئيسًا نظرًا لِمَا ينتظر أنْ يُسهم به هذا القِطاع الواعد من أهداف مُهمَّة تسعى البلاد إلى تحقيقها من خلال رؤية “عُمان 2040” الطموحة، وتمتلك البلاد استراتيجية سياحية واعدة، تعمل على ترسيخ مكانتها على خريطة السياحة العالمية، ويبقى التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات ذات العلاقة بقِطاع السياحة إحدى أهمِّ الخطوات التي ستحقق الأهداف المرجوَّة. فعلى جميع أطراف المعادلة العمل على بناء القدرات المطلوبة في هذا القِطاع الذي يُشكِّل قاعدة أساسية في نُمو الاقتصاد الوطني، وأحدَ أهمِّ القِطاعات في مساعي التنويع الاقتصادي المنشود. ويُعدُّ جذْب الاستثمارات هو المفتاح الرئيس لبناء تلك القدرات المرتبطة بقِطاع السياحة، فسلطنة عُمان تتمتع بكُلِّ المُقوِّمات المطلوبة لِتكُونَ إحدى أهمِّ وجهات الاستثمار السياحي بما توفره من بنية أساسية ممتازة، وخدمات وتسهيلات حكومية تُمكِّن المستثمرين من تحقيق أهدافهم. فهناك جهود حكومية عُمانية تعمل على توفير أوسع قدر من الحوافز الاستثمارية والتسهيلات المؤسسية والتشريعية والإجرائية الهادفة إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة، ومشجِّعة للاستثمار في مجالات عدَّة، بما فيها المجال السياحي.
إنَّ هذا الاهتمام بقِطاع السياحة لا يعود لِمَا يحققه القِطاع من فوائد اقتصادية بشكْلٍ مباشر، وإنَّما للسياحة دَوْر في زيادة الطاقات الإنتاجية وتنشيط حركة الإنتاج الصناعي في القِطاعات الأخرى المرتبطة بالقِطاع السياحي. فالقِطاع السياحي يمتلك ميزة تشابكية مع القِطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، الأمْرُ الذي يتطلب الاستثمار في مختلف القِطاعات الاقتصادية لتحقيق الاستفادة القصوى من الأثر المضاعف للاستثمار السياحي على باقي القِطاعات خصوصًا الصناعية، وبجانب العوائد التي ستعود على الدولة جرَّاء تلك العلاقة التشابكية، فإقامة استثمارات في الأنشطة الصناعية وغير الصناعية المرتبطة بقِطاع السياحة تقلل من الاحتياج لاستيراد تلك المنتجات وتوطن صناعتها في سلطنة عُمان؛ لتعظيم القِيمة المضافة من القِطاع الصناعي، فعصر النظر للسياحة كقِطاع خدمي، والعمل على جذب الاستثمارات في هذا النطاق الضيِّق، قد ولَّى، فالقِطاع السياحي وصل إلى مراحل مُتقدِّمة من التطوُّر والنُّضج، وأضحى له طابع صناعي لتلبية احتياجات أنشطة الخدمات السياحية، وهو ما يُعرف بصناعة السياحة باستخدام الموارد الاقتصادية المتاحة بمختلف أشكالها لبناء طاقات إنتاجية جديدة لتحقيق قِيمة مضافة للتنوُّع والنُّمو الاقتصادي، ويحتاج هذا النشاط الصناعي والتجاري المرتبط بالسياحة إلى استثمارات وجهد ترويجي؛ لِمَا له من فوائد جمَّة على الاقتصاد الوطني ككُلٍّ.
وفي هذا السياق، تعمل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ـ بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة، وعدد من شركات القِطاع الخاص ـ على الترويج لخمس فُرص استثمارية بالقِطاع السياحي يبلغ حجمها الاستثماري 960 مليون ريال عُماني، وتتمثل تلك الفُرص في وجهة وطنية للترفيه والسياحة التي ستقام في ولاية بركاء بمحافظة جنوب الباطنة، ويتي وينكت المرحلة 1 ـ ب والتي ستقام بمحافظة مسقط، ومدينة العرفان، ومشروع رواسي في ولاية بوشر، ومركز مغامرات مسندم في ولاية خصب، وتسعى الجهود إلى جذْب استثمارات لكافَّة الأنشطة المرتبطة بتلك المشاريع الواعدة، بما في ذلك جلب استثمارات نوعية في قِطاعات التنويع الاقتصادي، وإيجاد البيئة المناسبة لنجاح وتنمية جميع الاستثمارات، وتمكين القِطاع الخاص وتحفيزه على الاستثمار، والترويج لسلطنة عُمان كوجهة استثمارية واعدة.
إنَّ القِطاع السياحي في سلطنة عُمان يشهد تحوُّلات كبيرة من شأنها الارتقاء نَحْوَ آفاقٍ أوسع وأرحب لتعزيز البنية الأساسية السياحية من خلال استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيجاد فُرص استثمارية سياحية متكاملة مع القِطاع الخاص، وتعزيز الفُرص الريادية للمؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعدُّ مفتاح النهوض بالاقتصاد الوطني ككُلٍّ وليس قِطاع السياحة، والقِطاعات المتشابكة معه فقط. فالنظرة التقليدية في الترويج للفُرص الاستثمارية للقِطاع السياحي باتت من الماضي، لكنَّ هناك فُرصًا أوسع وأرحب وأكثر تشابكية وتعقيدًا تسعى جميع بلدان العالم لاغتنامها.