مسقط ـ (الوطن) :
نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أمس الأول في مقرها بمرتفعات المطار، ممثلة في لجنة الدراسات التاريخية أمسية أدبية تمثلت في قراءة لكتاب (ألف باء المخطوطات العمانية)، لمؤلفه سلطان بن مبارك الشيباني قدمها الدكتور حميد بن سيف النوفلي.
الأمسية التي أدارها الباحث خالد بن محمد الرحبي أشار من خلالها النوفلي إلى أن المخطوط العماني يكشف عن الكثير من التفاصيل المهمة والمعلومات المفيدة في معرفة تأريخ عمان الشامل لجميع العناصر والمكونات من أرض وإنسان وغير ذلك.
ووضح النوفلي أن المؤلفين تناولوا جوانب من تاريخ عمان بقصد ووعي كاملين أو بدونهما، وهناك عديد الأمثلة في التراث العماني المخطوط على ذلك.
مشيرًا إلى أنه يمكن إجمالها في جوانب متعددة من خلال كتاب (ألف باء المخطوطات العمانية)، ومن بينها الجوانب الثقافية والعلمية للمخطوط العماني، حيث تقدم المخطوطات العمانية قدرًا كبيرًا من الجانب التأريخي بملامح خاصة، واهتم العمانيون بتوثيق قيد بدء النسخ وقيد الفراغ منه وتواريخ البيع والشراء والتملك والإعارة والتداول وغير ذلك من العمليات المرتبطة بحركة المخطوطات، بل وتفننوا في ابتكار أساليب جديدة لا تخلو من الطرافة والروعة في آن واحد.
وقال النوفلي: المخطوط العماني يلاحظ بوضوح الوظائف التربوية والتعليمية من خلال الكم الهائل من النصائح والإرشادات التربوية؛ مع تخصيص الكثير من التأليف للأغراض التعليمية، ومما يحسب لحركة التأليف العلمي في عمان من خلال التراث المخطوط ذلك التنوع العلمي في المخطوطات العمانية، إذ لم يقصر باع العمانيين على فن واحد أو مجموعة معينة من فنون العلم، إنما سبروا مختلف العلوم، وأبحروا في كافة التخصصات، وقطفوا من أفانين حدائق المعرفة.
وتطرق النوفلي إلى التاريخ الاجتماعي والاقتصادي في المخطوط العماني، موضحًا أن لمسات العماني كانت حاضرة في التراث المخطوط، فيقف من يتتبع حركة المخطوطات العمانية تأليفًا ونشرًا ونسخًا وتداولًا على إسهام لا تخطئه العين للعماني من مؤلفين، ونسّاخ، وناسخات، ومنسوخ لهم، وباعة ووسطاء (دلالين)، وغيرهم.
وهذا يأتي حسب رأي النوفلي كدلالة واضحة على مكانة المخطوط في حياة العمانيين، فقد يدهش المرء حين يتقصى حركة المخطوط ورحلته بين الأيادي وبين الخزانات ذلك الحراك الذي يدل على حاجة القارئ العماني النهم وحبه للاطلاع والتزود بالمعرفة، فترى انتقال المخطوط اقتناءً، وإهداءً، وقفًا، وبيعًا، وشراءً، وإعارة، الأمر الذي يفتح الباب على معرفة دقائق الاقتصاد الوثائقي المرتبط بالمخطوط العماني ليس جراء حركة بيع وشراء المخطوط فحسب؛ وإنما من خلال معرفة الجيوش البشرية والمخصصات المالية التي تحرك هذا النوع من الاقتصاد.
ووضح الباحث النوفلي أن القيم الفنية والجمالية للمخطوط العماني فيها ما يبهج أنفس المهتمين به خاصة ما يتعلق بالفن الإبداعي المتمثل في الزخرفة والتنميق والتزويق، والتي تصل أحيانًا حد الإسراف المحمود إن صح التعبير حسب قول، وهذا الأمر أوجد أجيالًا من المبدعين من خطاطين، ونقاشين، ورسامين، ومزخرفين.
كما لم يغب عن المؤلف العماني حسب قول الباحث والدكتور النوفلي تضمين مؤلفه بعناصر المحتوى البصري اللازمة لإيصال معلومته وتوضيح فكرته من أشكال نباتية وحيوانية وهندسية وغيرها، ورسومات طبية كتشريح العين وتوصيف جسم الإنسان وغيرها، وجداول رياضية كتلك المستخدمة عند الملاحين والربابنة لقياس المسافات بين المسالك البحرية، وقياسات تحديد مواقع النجوم وغيرها.
وتحدث النوفلي عن البعد العالمي للمخطوط العماني. وأشار إلى أنه كتب ليصل إلى القارئ، أينما كان، سواءً للعماني أو غير العماني، وأن المكتبات والأراشيف العالمية تحتضن عددًا من المخطوطات العمانية، كما تحتضن المكتبات والأراشيف العمانية الكثير من المخطوطات غير العمانية كذلك. وهذا المناخ العلمي يدل على تفاعل العمانيين مع غيرهم، ومما يلفت الانتباه مخطوطات عمانية خارج عمان ألّفت ونسخت في مواسم الحج، وفي مهجر العمانيين شرقًا وغربًا؛ مما يفيد على ملازمة العلم والعماني أينما حل وارتحل.
وفي ختام حديثه أشار النوفلي إلى أن كتاب ألف باء المخطوطات العمانية بحاجة إلى مزيد من الدراسة للحصول على إرشاد حقيقي لكل ما يتعلق بالتراث الفكري العماني المخطوط.