الصحافة تُعدُّ أساس المجتمع الديمقراطي، وتحتل وسائل الإعلام دورًا مُهمًّا في المجتمع الديمقراطي المتحضر، فالصحافة ليست مجرد مصدر للأخبار فحسب، بل هي مرجع للمعلومات الحالية وأداة للنقد العام، وتعتمد كثيرًا إلى فن الدبلوماسية، خصوصًا في مجريات المؤتمرات الدولية والأحداث خارج حدود الدولة..

الدبلوماسية والصحافة توأمان لا يمكن الفصل بينهما ـ وكأنهما أشبه بقضبان سكة الحديد للقطارات ـ متوازيان يسيران مع بعضهما البعض ليوصل إلى نفس الهدف، ولكن لكل واحد منهم قواعده ومفاهيمه الخاصة به.
الدبلوماسية هي صفة تخص التمثيل السياسي للبلاد كمبدأ عام، وكذلك تصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية وأساليب التعامل السياسي بين الدول، كما يمكن القول إنها فن ممارسة العلاقات الدولية، ولا تقتصر الدبلوماسية على السياسة، بل هي أيضا وسيلة الاتصال الناجحة بين الناس، وقد توسعت الدبلوماسية لتشمل اجتماعات القمة والمؤتمرات الدولية، والدبلوماسية البرلمانية، والأنشطة الدولية للكيانات فوق الوطنية ودون الوطنية، والدبلوماسية غير الرسمية من قبل العناصر غير الحكومية، وعمل موظفي الخدمة المدنية الدولية. مصطلح دبلوماسية مشتق من اللغة اليونانية القديمة دبلومة، حيث جاء المصطلح للإشارة إلى المستندات التي منح الأمراء من خلالها مثل هذه الامتيازات في القرن الثامن عشر، جاء المصطلح الفرنسي دبلوماسي (“دبلوماسي”) للإشارة إلى شخص مخوَّل بالتفاوض نيابة عن دولة.
أما الصحافة فجاء في معجم المعاني الجامع أن الصحافة: مهنة من يجمع الأخبار والآراء وينشرها في صحيفة أو مجلَّة أو وسائل مرئية، وهناك نوع في غاية الأهمية والتي تسمى بالصحافة الوَطنية فهي: (مجموع الجرائد والنشرات والمجلات التي تصدر في أرجاء الوطن تحت مظلة الدولة سواء ماديًّا أو معنويًّا).
ويَرجع تاريخ الصحافة إلى زمن البابليين؛ حيث عيَّنوا كاتبًا لتسجيل أهمِّ الأحداث اليومية، أما الفترة المعاصرة، وخصوصًا في أوروبا الغربية، فإنَّ الصحافة الغربية بدأت في أوائل القرن الرابع عشر بطباعة الأخبار والإعلانات في مدينة ماينز في ألمانيا بعد اختراع الطابعة، حتى بدأ توزيع الصحف المطبوعة في عام 1465م، وأصبحت الأخبار تُطبَع بِصفة دورية، وانتشرت الصحافة في أوروبا وأميركا في القرنين السابع والثامن عشر، لتغطي القضايا السياسية أو العامة أو مستجدات الموضة وغيرها من الأحداث المختلفة.
الصحافة تُعدُّ أساس المجتمع الديمقراطي، وتحتل وسائل الإعلام دورًا مُهمًّا في المجتمع الديمقراطي المتحضر، فالصحافة ليست مجرد مصدر للأخبار فحسب، بل هي مرجع للمعلومات الحالية وأداة للنقد العام، وتعتمد كثيرًا إلى فن الدبلوماسية، خصوصًا في مجريات المؤتمرات الدولية والأحداث خارج حدود الدولة، حيث تُوثِّر بشكل كبير بصنع الرأي العام، ويقع على عاتق محرر الأخبار وطاقمه اختيار الأخبار القادمة ضمن مبدأ الاتصال والتواصل الاجتماعي وعليه تُعدُّ الصحافة حلقة الوصل بين السلطات والناس، فيقع على عاتقها مسؤولية تنظيم ذلك لجمع المعلومات من مصادر مختلفة.
فالزيارات الرسمية لكبار الشخصية تعتمد أولًا على الدبلوماسية من حيث تُعدُّ هي الخطوة الأولى في الإعلان عن الزيارة وغرضها، ليبدأ بعدها الإفصاح عن بروتوكول الاتفاقيات والاجتماعات الثنائية وجدول الزيارة والمقابلات ودعوات العشاء أو الغداء وتبادل الهدايا وبروتوكول الاستقبال، كل هذه الأوجه تشترك فيها دوائر المراسم والتشريفات والدوائر المختصة والدائرة الإعلامية بخارجية الدولة، والتي سوف تزود الصحافة بخلاصة النتائج، سواء توقيع اتفاقيات اقتصادية وصحية أو طبية أو أكاديمية وغيرها من المجالات التي كانت سبب الزيارة، بالإضافة إلى أن المسؤولين في الدائرة أو القسم الإعلامي في وزارة الخارجية قد يعقدون مؤتمرًا صحفيًّا يتحدث فيه الناطق الرسمي باسم الخارجية عن نتائج هذه الزيارة لتبدأ الصحافة على مختلف أنواعها بتناقل الموضوع، وإيصال المعلومة إلى المجتمع والمواطن البسيط، وهو المتلهف لمعرفة نتائج الزيارة والتي قد تؤثِّر إيجابيًّا على حياته إن كان هناك اتفاقيات اقتصادية هائلة لتنقل الاقتصاد من حالة إلى أفضل الأحوال. وأقرب مثال على ذلك، التحركات الدبلوماسية الحثيثة لدولة أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وبهذا الظرف الاستثنائي وبالرغم من عدم تطبيقها لكثير من البنود لكن الخطوات دبلوماسية ذكية وبعيدًا عن الصحافة والإعلام تم الإعلان الرسمي، حيث فأجأ الكثير من دول الاتحاد ليعلم للصحافة هذا القرار التاريخي والذي كان ينتظره الأوكرانيون؛ لِمَا له من مردود إيجابي على حياتهم اليومية وفتح آفاق جديدة لمستقبلهم. لذلك تُعدُّ الدبلوماسية هي الباب الرئيسي للصحافة وليس العكس، وأن الدبلوماسية هي مصدر الأخبار الوارد نشرها.
كما يجب على الصحفي الحذر من التقليل من أهمية الأخبار، أو الزيادة أو التضليل، أو فرض آراء المحرر على القراء.
واتّسع نطاق الصحافة على مرِّ السنين، حيث شملت وسائل الاتصال من الإذاعة والتلفزيون والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية على الإنترنت. ومع ازدياد وسائل الاتصال وتنوعها؛ أدَّى ذلك إلى ازدياد عدد الجماهير أيضًا بمعدَّل كبير. ومن الجدير بالذكر أنَّ الصحافة أصبحت اختيارًا مهنيًّا مرموقًا للعديد من الطلاب، فالصحافة مجال مليء بالتحديات وتلعب دورًا رئيسًا في تنمية الأمم والشعوب، فالأخبار هي ذلك الجزء من الاتصال الذي يُبقي الأفراد على اطِّلاع بالأحداث والقضايا والشخصيات المتغيرة في العالم الخارجي، فالصحافة تزود المواطنين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ أفضل القرارات الممكنة بشأن حياتهم ومجتمعاتهم وحكوماتهم فإن القيمة الأولى للأخبار هي تمكين وزيادة وعي المجتمعات.
الصحافة تُؤدي أدوارًا ومهام مهمة للغاية كوسيلة للاتصال الجماهيري في العالم الحديث معتمدة في بعض الأحيان على فن الدبلوماسية بقدر ما يتعلق الأمر بمواضيع الزيارات الرسمية وبروتوكولات الاجتماعات واللقاءات الدولية، كما تُحاول الصحافة إعلام القارئ عما يحدث في المجتمع والدولة والعالم بأسره بموضوعية.