والحج له ثواب كبير عند الله سبحانه وتعالى فهو يكفر الذنوب والسيئات مادام قد أدى الحج بشروطه الصحيحة، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من حجَّ البيت الحرام فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (حجة مبرورة خير من الدنيا وما فيها وحجة مبرورة ليس لها جزاء إلا الجنة، ومعنى الحج المبرور الذي لا يخالطه إثمًا ولا ذنب، قال عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما):(كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بِمِنى فأقبلت طائفة من اليمن فطلبوا من رسول الله يخبرهم بفضائل الحج، فقال ـ عليه الصلاة والسلام: أي رجل خرج من بيته حاجًّا أو معتمرًا غفرت ذنوبه فكلما رفع قدمًا ووضع قدمًا تناثرت الذنوب من بدنه كما يتناثر الورق من الشجر، فإذا اغتسل طهره الله من الذنوب، وإذا لبس ثوبين جديدين جدد الله له من الحسنات، وإذا قال:(لبيك اللهم لبيك) أجابه الله عز وجل:(لبيك وسعديك) أسمع كلامك وأنظر إليك، وإذا دخل مكة وطاف وسعى بين الصفا والمروة وصل الله له الخيرات وإذا وقف بعرفات وضجت الأصوات بالحاجات باهى الله به ملائكته فقال: ملائكتي وسكان سماواتي أما تدرون عبادي أتوني من كل فجٍّ عميق شعثًا غُبرًا قد أنفقوا الأموال وأتعبوا الأبدان، فوعزتي وجلالي وكرمي لأهنَّ مسيئهم بمحسنهم ولأخرجهم من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم وإذا حلقوا الرؤوس وزاروا البيت نادى منادٍ من بطنات العرش:ارجعوا مغفورا لكم واستأنفوا العمل).
والإنسان يجوز أن يحج عن أمه وأبيه أو أحد أقاربه بشرط أن يكون قد حجَّ لنفسه أولًا فقد روي أن (علي بن موفق حجَّ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حجًّا بعد أن حجَّ لنفسه، قال: فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام، فقال لي: يا ابن موفق حججت علي؟ قلت: نعم، قال: ولبيت عني؟ قلت:نعم، قال: فإني أكافئك بها يوم القيامة آخذ بيدك في الموقف فأدخلك الجنة والخلائق في كرب الحساب).
والحج هو الركن الخامس من أركان الدين وهو الخاتم لجميع الأركان، فالإنسان إذا كان يصلي أو يصوم أو يزكي لا نقول المصلي أو المزكّي أو الصائم فلان، ولكن نقول الحاج فلان لأنه لا يؤدي الحج إلا إذا فعل هذه الأركان كلها وكان عنده القدرة عليها فلا يحج إلا إذا كان قوي الجسم ولكن نقول ينبغي على من قام بالحج مرة أن يفعل أعمالًا كثيرة منها العطف على الأيتام فهذا بلا شك أن له فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى، فقد ورد أن رجلاً كان يُسمى عبد الله بن المبارك يحج عامًا ويجاهد في سبيل الله عامًا آخر وفي العام الذي ذهب فيه ليحج فيه كان يمشي ليلًا ليودع إخوانه فرأى في ظلام الليل امرأة تنحني على الأرض وتأخذ من قمامة الأرض دجاجة ميتة فسألها: ما حالك يا أمة الله ؟ قالت له: يا عبد الله اترك الخلق للخالق،فـلله تعالى في خلقه شئون، قال لها: والله لا أبرح مكاني حتى أعلم ما حالك، قالت: أما وقد حلفت بالله فأنا أم لأربع بنات يتيمات مات أبوهن وهنَّ صغار فطرقت الأبواب فلم أجد وراء الأبواب رحمة فاضطررت لأكل الميتة والله يقول:(فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) وإذا بعبد الله بن المبارك يخرج لها المائة دينار التي كان سيحج بها، وقال: لن أحج هذا العام ورجع إلى بيته وكان لا يخرج إلا للصلاة وذهب الحجاج إلى بيت الله الحرام وعادوا وكلما جلسوا في مجلس كانوا يقولون: جزى الله عنا عبد بن المبارك خيرًا ما جلسنا مجلسًا إلا وحدثنا فيه بكتاب الله وسنة رسوله، يارب أنا لم أحج اللهم دلني على كلام هؤلاء فإني حائر ونام ليلته، ورأى في المنام رجلاً يتألق النور من جبينه وتتلألأ الأضواء في وجهه، قال: السلام عليك يا عبد الله بن المبارك، ألا تدري من أنا؟ أنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم، حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة يا عبد الله أنقذك الله من كل شدة كما أنقذت بناتي اليتامى فإن كل بنت مسلمة بنت لمحمد (صلى الله عليه وسلم)، يا عبد الله إن الله تعالى خلق ملكًاعلى صورتك كان يجلس مع أهل بلدك أينما كانوا وحيثما ارتحلوا، يا عبد الله كتب لكل حاج ثواب حجة وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة.. هذا والله أعلم.

* حامد مرسي
* إمام مسجد بني تميم بعبري