[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. يبدو أن أوباما قد أخذ من فوزه بنوبل دفعة للمضي في ضرب دعائم وأساسات منطقتنا بدعوى الغد الأفضل حيث دعم أوباما ومن ورائه الادارة الاميركية جماعات كل طموحاتها هدم الاستقرار لصالح مشروعات في مخيلاتهم لا تتماشى إلا مع شرق أوسط كبير وفوضى خلاقة وضع قواعدها من سبق أوباما.”
ــــــــــــــــــــــ
حينما وجد الفريد نوبل نفسه وقد قدم للبشرية اداة هدم جديدة متمثلة في الديناميت حاول نوبل التكفير عن ذنبه بايداع وصيته الأخيرة لدى النادي السويدي النرويجي في باريس، مكرسا الجزء الأكبر من تركته لتأسيس جوائز نوبل والتي أهمها على الاطلاق جائزة نوبل للسلام التي تمنح للأشخاص الذين قدموا خدمات جليلة لاحلال السلام في العالم.
لكن هذه الجائزة فيما يبدو أنها خلال السنوات الأخيرة كانت نذير شؤم على منطقتنا فما أن أعلنت بطريقة لا تخلو من التسييس إلا وجلبت وراءها دمارا.
فمع مشاهد التفكك ودخول اليمن رسميا في حالة اللا دولة والفراغ السياسي الذي صاحب استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته والذي من المتوقع أن يستمر لفترة ليست قصيرة لابد وأن تستدعي الذاكرة العام 2011 عندما أعلن عن منح نوبل للسلام للناشطة اليمنية توكل كرمان مناصفة مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف ومواطنتها الناشطة ليما جبوي.
ربما استندت اللجنة المسؤولة عن منح جوائز نوبل إلى دور كرمان في الإطاحة بالرئيس اليمني السابق ومكوثها بضعة أيام في اعتصامات وتظاهرات ساحة التحرير في صنعاء.
وقتها ربما كان دور كرمان مقدرا للراغبين في تغيير الأنظمة العربية سواء كان ذلك بحسن النوايا أو سوئها لكن الأكيد أن اليمن منذ الاطاحة بعلي عبدالله صالح وسقوطه في التجاذبات بين حزب الاصلاح المحسوب على جماعة الاخوان والذي تنتمي اليه توكل كرمان من ناحية وأطراف يمنية أخرى من بينها جماعة الحوثي من ناحية أخرى لم ينعم بسلام منذ أن تنسم ما يسمى رياح التغيير.
وقبل حصول كرمان على نوبل بعامين كانت نفس الجائزة على موعد مع أكبر مفارقة تشهدها في تاريخها عندما أعلن في العام 2009 ـ قبل شهور قليلة من الزلزال الذي ضرب المنطقة ومازلنا نعاني منه إلى الآن ـ عن فوز الرئيس الأميركي باراك اوباما بالجائزة لا لسلام صنعه وإنما لسلام محتمل أن يصنعه سيقت الذريعة وقتها بأنه لجهود سيقوم بها للحد من الانتشار النووي.
ويبدو أن اوباما قد أخذ من فوزه بنوبل دفعة للمضي في ضرب دعائم وأساسات منطقتنا بدعوى الغد الأفضل حيث دعم اوباما ومن ورائه الادارة الاميركية جماعات كل طموحاتها هدم الاستقرار لصالح مشروعات في مخيلاتهم لا تتماشى إلا مع شرق أوسط كبير وفوضى خلاقة وضع قواعدها من سبق أوباما.
فدور أوباما في إحلال السلام بمنطقتنا على الأقل يتجلى في ليبيا التي بارك فيها حملة الناتو للإطاحة بالقذافي وتركها مرتعا لجماعات الارهاب وفي سوريا التي يصر فيها على تسليح وتدريب مشاريع ارهابيين بعد أن تخرج على يدي سياساته داعش التي تعد أشهر وأقوى جماعة ارهابية شهدها التاريخ.
كما أن السلام الذي وعد أوباما باحلاله في المنطقة وتحديدا فيما يخص القضية الفلسطينية تبدد في انحيازه الصريح لمزاعم يهودية إسرائيل ورفضه الصارخ لحق الفلسطينيين في إعلان دولتهم بالأمم المتحدة.
وبين أوباما وكرمان ترنحت نوبل للسلام بين نشطاء ومعارضين لدول تعتبر هي المعارض الأول للسياسات الأميركية والغربية ومنهم من تسبب في سقوط قتلى بالعشرات تحت ذرائع من الحرية والديمقراطية .. فهل بات الفريد نوبل مدينا باعتذار جديد خاصة اذا علم وهو في قبره ما الذي جلبه الحائزون على جائزته على منطقتنا.