جولة في حيدر اباد والمثلث الذهبي
دلهي مدينة المدن والحواس السبع
ـ جايبور عبق التاريخ في المدينة الوردية
ـ اجرا صروح شاهدة على امبراطورية المغول

زار معالمها ـ هيثم العايدي:
في رحلة تعريفية بالسياحة الهندية بتنظيم من الخطوط الجوية الهندية زار وفد يضم (الوطن) و وممثلين عن عدد من الشركات السياحية بالسلطنة جمهورية الهند في جولة شملت معالم حيدر اباد ومدن دلهي وجايبور واجرا الذين يعرفون بالمثلث الذهبي للسياحة الهندية.
بعد جولة ثرية في حيدر اباد ننتقل إلى أولى أضلاع المثلث الذهبي للهند والمتمثل في العاصمة نيودلهي (قبل الانتقال الى الضلعين الاخرين جايبور واجرا) .. وخلال معظم تاريخها كانت دلهي عاصمة لمختلف الممالك والامبراطوريات التي تعاقبت على الهند وهم ما جعلها تتعرض الى الهدم لـ 7 مرات كما انها تتكون من 7 مدن مختلفة ولذلك يحلو للهنود اطلاق اسم مدينة الـ7 مدن أو مدينة الـ7 حواس على عاصمتهم نيودلهي وكيف لا وهي تضم مجموعة من عدد من المدن المنتشرة في منطقة العاصمة .
وكانت دلهي العاصمة الأسطورية من خلال باندافاس ماهابهاراتا المؤسس التاريخي للهند ، ثم اعيد ظهورها كمدينة سياسية وثقافية و تجارية رئيسية على طول الطرق التجارية بين شمال غرب الهند وسهل نهر الجانج .
وفي عام 1639 م بنى الإمبراطور المغولي شاه جهان المدينة الجديدة المسورة وسماها شاه جيهان اباد (دلهي القديمة حاليا) حيث نقل اليها عاصمة امبراطورية المغول من اجرا .. ولا تزال المدينة القديمة محصورة ضمن مساحة الجدران شاه جهان ، و العديد من البوابات التي بنيت خلال الحكم على بلده بوابة الكشميري ، بوابة دلهي وبوابة التركمان .
وفي عام 1911 قرر البريطانيون تحويل عاصمة الهند من (كلكتا ) إلى دلهي ، وشكلت لجنة من ثلاثة أعضاء للتخطيط البناء كمركز إداري جديد .
انتقل البريطانيين إلى مباني نيودلهي في عام 1912 ، واكتمل البناء في عام 1931 . مدينة العاصمة الجديدة ، نيودلهي ، قد بنيت إلى الجنوب من المدينة القديمة خلال عام 1920 .
عندما استقلت الهند عن بريطانيا عام 1947 ، أصبحت نيودلهي العاصمة الوطنية ، ومقر الحكومة الاتحادية .
وأول ما يشد الزائر في دلهي القديمة مسجد جاما المستمد اسمه من صلاة الجمعة ومعروف شعبيا باسم مسجد الجمعة وهو المسجد الرئيسي في دلهي القديمة وأكبر مساجد البلاد حيث يتسع لنحو 25 ألف مصل. والمسجد الذي أمر ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جهان واكتمل بناؤه في العام 1658 يقع في بداية شارع شاندني شوك وهو شارع مزدحم وشعبي جدا في مركز مدينة دلهي القديمة.
وللمسجد 3 ابواب كان الباب الثاني مخصصا لدخول الأسرة المالكة كما يحتوي على فناء فسيح تقع وسطه بركة ماء للوضوء ويتضمن تصميمه ثلاث قباب على الطراز المغولي الإسلامي، كما أن له منارتان يشمل المسجد أيضا عدة آثار قريبة من البوابة الشمالية، فهي تتضمن نسخة القرآن مكتوبة على جلد الغزال.
ولا يفوت الزائر الى دلهي زيارة راج غات النصب التذكاري للزعيم الروحي مهاتما غاندي وهو الموقع الذي شهد احراق جثمانه وفق معتقدات الديانة الهندوسية بعد اغتيال غاندي في يناير 1948.
ويستقبل الزائر لراج غات العديد من الاشجار زرعها زعماء العالم الذين زاروا المكان حيث يحرص كل سياسي او رئيس دولة يزور الهند على المرور براج غات.
ويتوسط حدائق راج غات الضريح الذي أحرق فيه جثمان غاندي والذي لا تزال النار مشتعلة عنده الى يومنا هذا.
وفي مكان قريب من راج غات يقع متحف غاندي التذكاري الذي يضم مجموعة من العناصر المختلفة والصور الخاصة بها لحياة غاندي والكفاح من أجل الحرية في الهند.
وفي دلهي أيضا يقع ضريح همايون الذي يضم جثمان الأمبراطور المغولى نصير الدين همايون.
ويحكي هذا الضريح احدى قصص الحب التي يزخر بها التاريخ الهندي حيث تم تشييد الضريح بأمر من زوجة الأمبراطور ‘حميدة بانو بيجوم’، و قد بدأ بنائه بالفعل في عام 1562 بعد مرور تسعة أعوام على وفاة الامبراطور. قام بتصميم بناء الضريح مهندس من هرات في أفغانستان يدعى ميراك ميرزا غيث. ويحيط بالضريح حديقة كبيرة تصل مساحتها إلى حوالى 30 فدانا، و قد تم تصميمها على الطراز الحدائقى الفارسي، و كانت أولى الحدائق من نوعها التى تشيد في شرق آسيا. تضم الحديقة مجموعة جميلة من النباتات و الأشجار تزهر في مواسم متعاقبة تغطى العام كله. يعد ضريح همايون من أبرز آثار الحضارة المغولية في الهند لذا تم ضمه إلى قائمة اليونسكو لأهم مواقع التراث الأنسانى العالمى في عام 1993.
وفي دلهي أياض معلم تاريخي بارز هو منارة قطب (قطب منار) التي تعد المنارة الأطول الأطول في الهند وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الاسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية.
ويضم المجمع المدرج في قائمة التراث العالمي والذي بناه قطب الدين ايبك مبان أخرى ويستقطب إليه جموعا كبيرة من السياح كل عام.
ويشد الزائر لمنارة قطب اختلاف الأساليب المعمارية عند مشاهدة المستويات الخمسة للمنارة وهناك خلافات حول الغرض الحقيقي من بناء هذه المنارة.. ففيما يرجح البعض فكرة أن أيبك أراد أن يمجد بداية عهد حكم المسلمين للهند بهذا البناء، يرى البعض أنها مجرد مئذنة عادية تتبع المسجد الملاصق، اتخذت للإعلان عن دخول وقت الصلاة.
ويبلغ ارتفاع المنارة 72.5 مترا ويوجد بدخلها سلم حلزوني يعد 379 درجة، يمكن عن طريقه الوصل إلى القمة.
ويضم مجمع قطب منار العديد من المباني الأخرى على غرار مسجد قوة الإسلام والذي يعد أول مسجد بني في الهند.
من دلهي تأخذنا السيارة في رحلة تمتد الى ما يزيد عن 6 ساعات الى الضلع الثاني في المثلث الذهبي للسياحة الهندية والمتمثل في جايبور عاصمة ولاية راجستان تلك المدينة التي تعد حاليا مركزا تجاريا هاما يفوح منها عبق التاريخ وتمعرف بالمدينة الوردية نظرا لان جميع مبانيها مبنية باللون الوردي الذي أعد خصيصا لاستقبال أمير ويلز تعبيرا عن حسن الضيافة .. ومن يومها تحرص مباني المدينة على الاكتساء بهذا اللون ربما تعبيرا عن حسن استقبالها لضيوفها من السياح.
وفي جيبور لابد من يمر الزائر بقصر الهواء (هوا محل) ذلك القصر الذي بني في عهد المهراجا براتاب سينج والذي يحوي عددا مهولا من النوافذ الصغيرة حيث أن هذا القصر خصص لنساء الأسرة المالكة الممنوعين من الظهور أمام العامة حيث تقبع كل واحدة منهم خلف نافذة لمشاهدة الاحتفالات في المناسبات المختلفة.
أما المعلم الرئيسي لجايبور والمتمثل في قلعة امير التي تقع على بعد 13 كيلومترا من قلب جايبور وتحكي قصة من الشموخ والصمود تلك القلعة المحاطة بالجبال والتي تطل على بحيرة لتخزين المياه كان العقاب للمساجين يتمثل في نقل المياه منها الى القلعة.
وللصعود الى قلعة امير يوجد طريقان أولهما بالسيارات وثانيهما المفضل لكثير من الزوار ويكون عبر الفيلة التي صعدت بنا عبر ممر يطل على ارتفاع شاهق.
وتعد هذه القلعة في حقيقة الامر قصرا للملك ، وقد سكنت عائلة ملك جايبور فيها وتحتوي على اقسام مختلفة للسلطان واستقبال الضيوف
وكباقي القصور الهندية يوجد العدد من الغرف للنساء وقد تم مزج الفن المغولي بالفن في راجستان بالنسبة لطرح هذا القصر .
وفي هذه القلعة يوجد الديوان العام الذي يستمع فيه الحاكم للمظالم وأيضا المحكمة وأيضا ساحة كبيرة في مدخل القلعة كان النساء يسقطون من أعلاها الورود على المهراجا حين عودته من احدى اسفاره.
وتمتاز القلعة بالعمارة الهندية وجدرانها المصبوغة نقوشها بألوان مستمدة من الطبيعة كما توجد بها ممرات كانت تستخدم لمسير الأسرة الحاكمة كما صنعت ابواب غرفها من خشب الصندل.
وفي هذه القلعة نظام تبريد مبني بالرخام يعتمد على المياه التي يعاد استخدامها للزراعة.
تنقلنا الرحلة الى ثالث اضلاع المثلث الذهبي للسياحة الهندية .. الى اجرا العاصمة الاولى لامبراطورية المغول والتي تضم اهم صروحهم التاريخية.
ففي اجرا توجد قلعتها التاريخية الشهيرة بلونها الاحمر والتي يفصلها عن النهر عن التحفة المعمارية الأشهر في الهند والعالم المتمثلة في ضريح تاج محل.
وشيدت قلعة أجرا من الحجر الرملي الأحمر تضمّ في حرمها البالغة مساحته 2.5 كيلومتر المدينة الملكية المكونة من العديد من صالات اجتماعاتها كالديوان الخاص، والمسجدين الرائعين.
وقد شيَّد هذه القلعة الحاكم المغولي جلال الدين أكبر الذي تعد فترته هي الفترة الذهبية لحكم المغول في الهند حيث شيدها من الحجر الرملي الأحمر بعد أن عزز سلطته بعد مجيئه للحكم وكانت القلعة تعتبر نقطة عسكرية استراتيجية ومقر إقامة للحاكم. شُيِّدت القلعة على شكل هلال، وهي مسطحة في الجانب الشرقي وبها جدران طويلة ومستقيمة مواجهة للنهر. وتتميز مباني هذا المجمع بتنوعها من ناحية الطراز المعماري.
وأمام قلعة اجرا على الجانب الآخر من النهر يقبع ضريح تاج محل الذي بناه حفيد جلال الدين اكبر الامبراطور شاه جيهان ليكون قبرا لزوجته أرجمند بانوبيگم " الزوجة الثالثة والتي تعرف بممتاز محل.
وشيد الضريح بالمرمر الأبيض وأقيمت عند كل زاوية من زوايا المصطبة مئذنة متناسقة الأجزاء ارتفاعها 37 م. يحيط بدائر كل منها ثلاث شرفات، وفي وسط المصطبة يرتفع الضريح في شكل رباعي، وتشغل الجزء الأوسط من البناية القبة الرئيسية، وقطرها 17 مترا وارتفاعها 22.5 متر. ولكل من واجهات البناية الأربع مدخل عال مغطى بعقد، وتحت القبة الكبرى التي تعلو وسط البناية ضريح الأميرة، وإلى جانبه ضريح زوجها، وكلاهما مزخرف بالنقوش الكتابية. ويعتبر من أجمل نماذج طراز العمارة الإسلامي حيث يعرف على نطاق واسع بأنه "جوهرة الفن الإسلامي في الهند وإحدى الروائع الخالدة في العالم.
ويعتبر تاج محل من قبل العديد من أرقى الأمثلة على العمارة المغولية، وهو أسلوب يجمع بين الطراز المعماري الفارسي والتركي والعثماني والهندي.